نظرية البحث الدلالي عند المحدثين :
يرى علماء الدلالة المحدثون إن اللغوي الفرنسي ميشال بريال ( M.Breal ) يعتبر مؤسس علم الدلالة المتعارف عليه اليوم ، وهو الذي وجه الاهتمام لدراسة المعاني بذاتها ، وقد اقترنت أهمية ريال هذه بمحاولة الناقدين اللغويين الإنكليزيين : أوجدن ( C.K.OGden ) وريتشاردز ( I.A.Richards ) الذين حوّلا مسار الدلالة بكتابهما المشترك : معنى المعنى ( The meaning of meaning ) الصادر عام ١٩٢٣ (١). وذلك بتساؤلهما الحثيث عن ماهية المعنى من حيث هو عمل متزاوج من اتحاد وجهي الدلالة : أي الدال والمدلول ، فوجّها العناية بالعلاقة التي تربط مكونات الدلالة التي يجب أن تبدأ من الفكرة أو المحتوى الفعلي الذي تستدعيه الكلمة والذي يومي إلى الشيء (٢).
فالدلالة لدى هؤلاء مجتمعين ـ كما يبدو ـ عبارة عن اتحاد شامل بإطار متكامل بين الدال والمدلول غير قابل للتجزئة والفصل.
وفي ضوء هذا الفهم الأولي للدلالة أخذت البحوث تشق طريقها إلى استكناه مفهوم الدلالة ومصطلحها لدى المحدثين من العرب والأوروبيين حين لمسوا أن التعميم الفضفاض غير كافٍ لإعطاء صيغة علمية أو فنية متميزة تنهض بالاصطلاح مستوياً على قدميه. ومن هنا حاولوا جعل الدال والمدلول قسيمين أساسيين لمفهوم الدلالة.
________________
(١) طبع هذا الكتاب طبعة منقحة في لندن ، ١٩٥٦ م.
(٢) ظ. د. موريس أبو ناصر ، مدخل إلى علم الدلالة الألسني ، الفكر العربي المعاصر ، آذار ، ١٩٨٢+ كمال محمد بشر ، دراسات في علم اللغة : ٢ / ١٥٩.