المحاور بقدر ما فيه من لمح لتطور البحث الدلالي نظرياً ، مع احتفاظ الفكر الإسلامي والعربي بحق الابتداع للموضوع ، والابتكار في منهجية البحث ، مما يلقي نوعاً من التوجه نحو الجهود المبتكرة للدلالة اللغوية في ضوء النقد البلاغي في أرقى مقاييسه الفنية رؤية ومعاصرة.
ولما كانت هذه المهمة في البحث مهمة نقدية وبلاغية ولغوية فقد أبعدنا السبق المنطقي ، والعرض الأصولي للمسألة ولسنا بصدد الخلط بين مفهوم الدلالة عند المناطقة باعتبارها تضمينة أو التزامية أو مطابقية ، وبين المفهوم البلاغي المتشابك للدلالة كما فعل الخطيب القزويني ( ت : ٧٣٩ ه ) تبعاً لأبي يعقوب السكاكي ( ت : ٦٢٦ ه ).
ولسنا نريد إضافة شيء على ما أفاده علماء الأصول في مباحث الألفاظ باعتبارها تشخص صغريات أصالة حجية الظهور في الأمر والنهي ، والمفاهيم ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والتعارض على وجه.
فهذه كلها مباحث أصولية وعليها مسحة دلالية ، لا شك في هذا ، ولكنها مباحث تتعلق بالألفاظ خالصة من حيث إفادتها أحكاماً شرعية معينة ، بل هي ضوابط أساسية فيما يستفيده المجتهد لدى عملية الاستنباط ، وبناء الحكم على أصل من دلالة اللفظ المتبادرة إليه فيما يحتمله لسان الشارع المقدس. ولسنا بأزاء بيان هذا الأصل أو الخوض فيه ، فضلاً إلى أن السبق المنطقي والعرض الأصولي ، وأن تعلقاً بالبحث هامشياً ، إلا أنهما من المباحث المستفيضة التي كتبت ودوّنت وطوّرت ونضجت واستقرت بمنهج ثابت في المنطق وأصول الفقه لا سيما عند الأستاذ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري ( ت : ١٢٨١ ه ) والتعرض لهما حديث عنهما لا عن النقد البلاغي. كما هي الحال في محاضرات زعيم الحوزة العلمية الإمام الأكبر السيد أبو القاسم الخوئي قدسسره وإفاضاته الأصولية المتطورة.
إذن : هذا العرض بعيد عن المفاهيم المقحمة بالنقد والبلاغة نتيجة تأثير البيئة الكلامية ، وسيطرة المنطق ، وسيرورة علم الأصول ، وإنما هو كشف دلالي لصميم المخزون التراثي من النقد البلاغي في ضوء المتغيرات الأوروبية المتواجدة. ومن خلال التطبيق القرآن العظيم.