عاد القائد مفلح الى الموصل وأخذ يتهيأ للخروج للقاء مساور الذي كان قد عاد الى الحديثة ، فلما اقترب جيش مفلح منها ، تركها مساور وتوغل باتباعه في الجبال والوديان ، فاستعصى على مفلح الظفر به ، فعاد وقد اصاب جيشه الارهاق. فارسل مساور جماعة من أصحابه لملاحقة الجيش المنسحب ، حتى وصل مفلح الى الحديثة. الا ان هجمات أصحاب مساور اضطرته على تركها والانحدار في أول شهر رمضان سنة ٢٥٦ ه الى سامرا ، مما ساعد مساورا على فرض هيمنته على المنطقة وجباية خراجها ، فاشتد أمره وقوى شأنه (١).
واستطاع مساور ان يظفر في سنة ٢٦١ ه بوالي خراسان يحيى بن جعفر فقتله (٢) ، فشخص القائد مسرور البلخي في طلبه ، فهرب مساور ولم يستطع اللحاق به. وقد توفى مساور في سنة ٢٦٣ ه وهو في طريقه الى لقاء الجيش الذي وجه من سامرا لحربه (٣).
يستخلص مما ذكرناه عن مساور الشاري انه خرج عاصيا على الدولة انتقاما لسوء تصرف صاحب الشرطة ، وانه لم يكن له من المؤيدين والاتباع ما يساعده على ان يستثمر تغلبه على الحملات العسكرية التي وجهت اليه. وانه كان شجاعا لا ينقصه المكر والخديعة ، وانه كان ينهج حرب العصابات ، فكان يهاجم مكانا ما فيقتل ويحرق وينهب ثم يهرب. وبقي يظهر بين مدة وأخرى في أماكن مختلفة حتى توفى وهو يستعد لمحاربة أحد الجيوش التي وجهت اليه.
__________________
(٧٣) الكامل ٧ / ٢٢٧.
(٧٤) الكامل ٧ / ٢٨٨ ، والطبري ٩ / ٥١٢ ، وجاء فيه اسم والي خراسان يحيى بن جقص.
(٧٥) الطبري ٩ / ٥٣٢ ، والكامل ٧ / ٣٠٩.