لم يستطع المقام بها فتركها وسار الى الحديثة التي اتخذها مقرا له.
وقد استفاد مساور من الاضطراب السائد في حاضرة الخلافة بسبب الخلاف بين الخليفة والقواد الاتراك فاستولى على جزء من شمالي العراق ومنع الاموال عن الخليفة فضاقت على الجند أرزاقهم (١). فخرج اليه القائد يارجوخ الا ان مساورا هزمه.
ولما بلغ الخليفة المهتدى بالله في أول صفر سنة ٢٥٦ ه ان مساورا الشاري صار الى بلد فقتل من أهلها وأحرق منازلهم ، عزم على تجريد حملة كبيرة للقضاء عليه. فأمر كبير قواده موسى بن بغا والقائدين مفلحا وبايكبال بالخروج اليه. الا انهم لم يخرجوا لعدم اطمئنانهم الى نية الخليفة تجاههم وخوفهم من اتفاقه مع غريمهم القائد صالح بن وصيف. الا انهم بعد ان ظفروا بصالح وقتلوه سار موسى وبايكبال لحرب مساور في مستهل جمادي الاولى ، وقد شيعهما الخليفة ، الا افهما سرعان ما عادا الى سامرا لاضطراب الاحوال فيها.
وعند ما بويع الخليفة المعتمد على الله سير القائد مفلحا في عسكر حسن العدة الى قتال مساور والقضاء على تمرده ، فلما قرب العسكر من الحديثة فارقها مساور واتجه الى الجبال فتبعه جيش مفلح. فالتقى الجيشان واقتتلا ، فهزم مساور وفر باصحابه صاعدين أحد الجبال وصاروا الى ذروته. فعسكر جيش مفلح في سفح الجبل لحاصرتهم ، فعمد مساور الى الخداع فأمر أصحابه بايقاد النيران وان يركزوا رماحهم ليوهم جيش مفلح بانهم معسكرون فوق الجبل ، ثم هبط بهم من الجهة الاخرى من الجبل ومضى هاربا لضعف أصحابه ولكثرة ما أصابهم من الجراح (٢).
__________________
(٧١) نفس المصدر / ٢٢٦.
(٧٢) الطبري ٩ / ٤٥٥ ـ ٤٥٦ ، والكامل ٧ / ٢٢٧.