يريد الاستيلاء عليها ، فخرج اليه أهلها فقاتلوه ومنعوه من دخول مدينتهم ، فقال ابن مساور في ذلك (١) :
فجعت العراق ببندارها |
|
وحزت البلاد بأقطارها |
وحلوان صبحتها غارة |
|
فقتلت أغرار غرارها |
وعقبة بالموصل أحجرته |
|
وطوقته الذل في كارها |
وكان مساور قد استولى في سنة ٢٥٤ ه على أكثر أعمال الموصل وقوي أمره. فنهض لقتاله الحسن بن أيوب بن أحمد العدوي التغلبي ، وكان خليفة لابيه بالموصل ، ومعه خلق كثير ، فعبر الزاب ، فانسحب مساور ونزل في واد عميق ، فسار الحسن في طلبه. فالتقى به واقتتلوا ، فانهزم الحسن وعاد بعسكره الى الموصل مغلولا. فقوي شأن مساور وخافه الناس.
ورغم ان القائد نوشري خرج اليه في رمضان وقتل من أصحابه عددا كبيرا ، الا انه لم يستطع التغلب عليه. مما شجع مساورا على أن يطمع بالاستيلاء على الموصل ، فقصدها ونزل بظاهرها عند الدير الاعلى. فاستتر امير البلد منه ، وهو عبد الله بن سليمان ، لضعفه عن مقاتلته ، كما لم يساعده أهل المدينة لميلهم الى الخلاف. فدخل مساور المدينة بغير حرب ، ولم يعرض لأحد من أهلها بسوء ، سوى ان اتباعه احرقوا دار عبد الله بن سليمان. ولما حل يوم الجمعة دخل مساور المسجد الجامع ، فصعد المنير وخطب عليه وقال في خطبته : اللهم اصلحنا واصلح ولاتنا (٢). وعند ما خطب وصلي جعل من أصحابه من يحرسه بالسيوف لانه لم يكن مطمئنا الى أهل الموصل لكثرتهم وعدم ميلهم اليه فضلا عن حذرهم منه. ويظهر انه
__________________
(٦٩) الكامل ٧ / ١٨٠.
(٧٠) نفس المصدر / ٢٠٥.