اعتنق مذهب الخوارج واعلن العصيان لأن صاحب الشرطة. كما يذكر ابن الاثير ، اخذ ابنا لمساور اسمه حوثرة فحبسه في الحديثة ، وهي بليدة صغيرة كانت على الجانب الشرقي من دجلة قرب الزاب الاعلى (١). وكان حوثرة فتى جميلا ، فكان صاحب الشرطة يخرجه من السجن ليلا ويحضره عنده ، ثم يرده الى الحبس نهارا. فغضب مساور لذلك وخرج وأيده جماعة فقصد الحديثة واستولى عليها واخرج ابنه من الحبس. فاختفى صاحب الشرطة ولم يظفر به مساور. وكثر اتباع مساور من العرب والاكراد فطمع بالاستيلاء على الموصل فسار اليها ونزل بجانبها الشرقي. وكان الوالي عليها آنذاك عقبة بن محمد بن جعفر الخزاعي ، فخرج لمقاتلته. الا ان مساور كره القتال وآثر الانسحاب الى البوازيج ، وكان ابنه معه فسمع يقول (٢) :
أنا الغلام البجلى الشاري |
|
اخرجني جوركم من داري |
ولما ادرك الخليفة المعتز بالله خطر فتنة مساور الخارجي وجه اليه القائد التركي ساتكين لحربه ، فهرب مساور نحو طريق خراسان. وكان المسؤول عن هذا الطريق بندار الطبري قد علم بخبره فاستعد لملاقاته ، وتوجه نحوه بثلاثمائة فارس حتى اشرف على معسكره ليلا ، فرأى اتباع مساور مشغولين بالصلاة. فأشار عليه بعض أصحابه بمباغتتهم ، الا انه امتنع عن مهاجمتهم غيلة. فلما أحس مساور واتباعه بالخطر بالسلاح فأشتبك الطرفان وتمكن مساور من ان يهزم جيش بندار ، وتبعهم حتى لحق ببندار وتمكن منه فقتله ، وفر من نجا من أصحاب بندار ويتراوح عددهم بين مائة ومائة وخمسين رجلا. فسار مساور باتباعه الى حلوان (٣) ،
__________________
(٦٦) نفس المصدر ٢ / ٢٣٠.
(٦٧) الكامل ٧ / ١٧٥.
(٦٨) حلوان : مدينة في اخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد فتحها العرب صلحا في سنة (١٩). ـ معجم البلدان ٢ / ٢٩٠.