يستوفوا شروطها ، ولم يختاروا من قبل الامة اختيارا حرا ، ولذلك ظلوا يحملون لواء الخروج عليهم طيلة عهد سامرا. وكانوا يستفيدون من الاضطراب القائم في حاضرة الخلافة بسبب النزاع بين الخلفاء والقواد الاتراك ، فيستضحل أمرهم ويشنون الغارات على القرى والرساتيق ويجبون منها الزكاة والعشور. وقد دخلوا اكثر من مرة بعض المدن والقرى. ولم تستطع الدولة القضاء عليهم رغم الحملات التي وجهت اليهم ، لانهم لم يكونوا يتبعون قواعد الحرب النظامية. فهم يظهرون عند ما تسنح لهم الفرصة ، فيقاتلون بشجاعة واستبسال ، ثم يفرون ملتجئين الى الجبال أو المناطق الوعرة عند ما يهزمون أمام الجيش الموجه لقتالهم. ولم يتيسر لهم ان يستولوا على منطقة معينة بصورة دائمة ويؤسسوا امارة خاصة بهم. ولعل أهم أسباب ذلك قلة عددهم ، وان الناس لم يكونوا يؤيدونهم ، فضلا عن انهم كانوا يرهبون جانبهم لشدتهم وصرامتهم في معاملة من لم يأخذ بعقيدتهم ، وكثيرا ما كانوا يتطوعون لمحاربتهم.
وسنستعرض فيما يأتي الانتفاضات التي قام بها رؤساء الخوارج ممن طالت مقارعتهم جيوش الخلافة في عهد سامرا. فقد خرج عدد من زعماء الخوارج في أماكن مختلفة من أرجاء الدولة العربية لا سيما في منطقة الموصل والجزيرة. كما كان أمرهم قد استفحل لوقت ما في سجستان من الولايات الشرقية. الا ان أكثرهم لم يتمكنوا من الثبات في وجه السلطة ، اذ سرعان ما كان يقبض عليهم فيسجنون أو يقتلون. ولم يستطع الاستمرار في مقارعة الحملات التي توجه اليهم سوى نفر قليل منهم. فقد خرج في سنة ٢٣١ ه على عهد الواثق بالله ، محمد بن عمرو الشيباني الخارجي من بني تغلب ، في ثلاثة عشر رجلا من اتباعه ، في ديار ربيعة في الجزيرة ، واستجاب له كثيرون. فخرج الى محاربته غانم بن ابي مسلم ، وكان على جيش الموصل ، فاخذه أسيرا وبعث به الى سامرا ،