جهة الساحل ، لا سيما وان محمدا كان قد شدد الحراسة عليها كي لا تستولى عليها جموع البجة. فصمم على الاشتباك بجيش محمد.
وراى محمد بن عبد الله ان يربك جيش البجة ليضعف من أهمية كثرة عددهم فجمع اجراس الابل والخيل التي في جيشه وجعلها في اعناق خيل المقدمة ، وأمر بضرب الطبول ونفخ الابواق ساعة الحملة. وعند ما حمل على البجة نفرت ابلهم من الاصوات الصاخبة واشتد رعبها ، فولت الادبار وتساقط عن ظهورها اكثر ركابها. فارتبك جيش علي بابا وداس بعضه بعضا. فتبعهم جيش محمد وأوقع بهم قتلا وأسرا. فلما رأى ملك البجة ذلك وايقن بالهزيمة طلب الامان. فاجابه محمد الى طلبه بعد أن أدى ما عليه من الخراج وغيره عن السنوات التي كان ممتنعا فيها عن الاداء. وأخذه محمد أسيرا الى سامرا ، فوصلها في أواخر سنة ٢٤١ ه.
ولما مثل علي بابا بين يدي المتوكل على الله أمره الحاجب بتقبيل الأرض فامتنع ، فعزم الخليفة على أن يأمر بقتله ، وخاطبه على لسان الترجمان : انه بلغني ان معك صنما من حجر اسود تسجد له كل يوم مرتين ، فكيف تتأبي على تقبيل الارض بين يدي ، وبعض غلماني قد قدر عليك وعفا عنك؟ فلما سمع علي بابا كلامه قبل الارض ثلاثا ، ، فعفا عنه وخلع عليه وعلى أصحابه ، وسمح له بالعودة الى بلاده (١).
وكان قد وقف بباب العامة بسامرا سبعون من البجة على ابلهم وقد رفعوا على حرابهم رؤوس عدد ممن قتل من عسكرهم في الحرب. وقد ولي الخليفة على البجة والطريق بين مكة ومصر سعدا الخادم ، فولي هذا محمد بن عبد الله خليفة عنه ، فخرج محمد عائدا بعلي بابا الى بلاده (٢).
__________________
(٣٩) النجوم الزاهرة ٢ / ٢٩٩.
(٤٠) الطبري ٩ / ٢٠٦ ، والكامل ٧ / ٧٩.