الاحباش المتصلة على شواطيء النيل حتى بلاد الزنج (١). فبلغ الامر محمد بن عبد الله ، وكان من القواد الذين يتولون خفارة الحجاج أكثر السنين ، فحضر الى الفتح بن خاقان وعرض عليه انه اذا ما أمر الخليفة عامل مصر بتجهيزه كما يريد عبر الصحراء الى بلاد البجة. فلما عرض الفتح ذلك على المتوكل على الله أمر بتجهيزه بسائر ما يحتاج اليه وتقدم الى عنبسة ان يمده بالرجال والخيل والجمال وما يحتاج اليه من الميرة والسلاح والاموال (٢).
فخرج اليهم محمد بن عبد الله من مصر وقد انضم اليه عدد كبير من المتطوعين ممن كانوا يعملون في استخراج المعادن ، بحيث صار عدد جيشه نحوا من عشرين ألف مقاتل بين فارس وراجل. كما سير بنفس الوقت سبعة مراكب موقرة بالمؤونة من الدقيق والتمر والزيت والشعير والسويق في بحر القلزم. وامر بعض أصحابه أن يرافقوا هذه السفن لتوافيه في ساحل البحر عند عيذاب من أرض البجة. وقد أعدها احتياطا لاحتمال عدم امكان حصول جيشه على الطعام هناك.
ولما وصل محمد بجيشه الى حصون البجة خرج اليه ملكهم ، واسمه علي بابا ، في جيش كثيف وسلاحهم الحراب والمزاريق وأكثرهم على الجمال وهي على غاية من النفرة والشراسة. ولما قارب البجة عسكر محمد رأوا ان لا قبل لهم بهم لكثرة عددهم وكمال عدتهم. فعزم ملكهم على مطاولتهم في الحرب حتى تفنى ازوادهم وتضعف خيولهم فيسهل التغلب عليهم. فاخذ يراوغ بجيشه ويستطرد أمام جيش محمد. الا ان وصول مراكب المؤونة الى جيش محمد أفسد خطة علي بابا الذي أيقن ان المدد لا ينقطع من
__________________
(٣٧) النجوم الزاهرة ٢ / ٢٩٦.
(٣٨) النجوم الزاهرة ٢ / ٢٩٧.