فقال لي الخليفة : كيف تسمع؟ قلت : اسمع شيئا حظ العجب منه أكثر من حد الطرب. فاستحسن هذا الكلام مني. ثم اسمعني زمر زنام الزامر وقد ضعف وارعش وازمنه النقرس. واراني الآلة التي عملها أحمد بن موسى المهندس من صفر يرسل فيها الماء فيسمع له زمر السرناي ، ثم ادخلني الى شباك وأمر أن يجمع بين الفيل والسبع فرأيتهما كيف يتواثبان ، ثم قال لي : أذكر اني اريتك اليوم أربعة أشياء طريفة فايهما أظرف عندك؟ قلت : غناء شارية. فقال : صدقت.
واصطبح المعتز بالله في أحد الايام واقترح على عريب صوتا فغنته ، فاستحسن غناءها وسر به ، فأمر له بثلاثين ألف درهم ، وفرق على الجلساء كلهم الجوائز والخلع والطيب ، وكان الشعر الذي غنته لعلي بن الجهم ، وهو (١) :
العين بعدك لم تنظر الى حسن |
|
والنفس بعدك لم تسكن الى سكن |
كأن نفسي اذا ما غبت غائبة |
|
حتى اذا عدت لي عادت الي بدني |
وجلس يوما مجلس غناء والجلساء والمغنون حوله ، وقد أعد الخلع والجوائز ، وكان يونس بن بغا بين يديه يسقيه. فدخل بغا واستأذن لأبنه لأن والدته على فراش الموت ، فأذن له فخرج. ففتر المعتز بالله عن السماع ونعس فنام. وقام الجلساء وتفرق المغنون. فلما عاد يونس مساء ورآه المعتز بالله عاد الى الشرب وعاد الندماء والمغنون ، فقال المعتز بالله :
تغيب فلا أفرح |
|
فليتك لا تبرح |
__________________
(٣٢) الاغاني ١٠ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧.