ذلك عند المتوكل على الله ، فارسلها اليه وحمل معها كل ما كان لها ، وكان شيئا كثيرا (١).
ونادم المتوكل على الله كذلك الأديب الاخباري أبو العنياء محمد بن القاسم خلاد. وكان قد نشأ بالبصرة فطلب الحديث ودرس الادب على علمائها. وكان من احفظ الناس وافصحهم لسانا واسرعهم جوابا واحضرهم نادرة ، وكف بصره وقد بلغ أربعين سنة (٢). وكان يحضر مجلس الخليفة وقلما غاب عنه ، وقد روي عنه انه قال : قال لي المتوكل على الله قد اردتك لمجالستي. فقلت : لا أطيق ذلك ، وما أقول هذا جهلا بما لي في هذا المجلس من الشرف ، ولكني رجل محجوب ، والمحجوب تختلف اشارته ويخفى عليه ايماؤه ، ويجوز علي ان اتكلم بكلام غضبان ووجهك راض ، وبكلام راض ووجهك غضبان ، ومتى لم أميز هذين هلكت. فقال : صدقت ولكن تلزمنا. فقلت : لزوم الفرض الواجب ، فوصلني بعشرة آلاف درهم (٣).
وعرضت جارية على المتوكل على الله ، فقال لأبي العنياء : هذه عرضت علي انها شاعرة ، فقل شيئا لتجيزه. فقال أبو العنياء : أحمد الله كثيرا. فقالت الجارية : حين انشاك ضريرا. قال : يا أمير المؤمنين قد احسنت في اساءتها (٤).
وقال المتوكل على الله لأبي العنياء وقد دخل اليه : يا محمد ما بقي في المجلس أحد الا اغتابك غيري. فاجاب قائلا (٥) :
اذا رضيت عني كرام عشيرتي |
|
فلا زال غضبانا علي لئامها |
__________________
(٢٠) الديارات / ٩.
(٢١) تاريخ بغداد ٣ / ١٧٠.
(٢٢) نفس المصدر ٣ / ١٧٤.
(٢٣) البصائر والزخائر ٢ / ٢٦٥.
(٢٤) الديارات / ٩١.