عملتها في وقتي ، وما غيرت فيها الا لفظة واحدة ، فانني قد قلت : لا ارتني الايام فقدك ما عشت ، فجعلتها يا فتح.
وبلغ من وفاء الفتح بن خاقان للمتوكل على الله انه رمى بنفسه عليه لما أغتالوه ليحميه من ضربات السيوف فقتل معه (١).
وكان من خاصة المتوكل على الله علي بن يحى بن أبي منصور المنجم ، وكان أديبا راوية للاشعار والاخبار ، وشاعرا محسنا ، اخذ الأدب وصنعة الغناء عن اسحاق الموصلي (٢). وكان قد اتصل بالفتح بن خاقان وعاونه في تأسيس خزانة كتبه. كما كانت لعلي نفسه خزانة كتب عامة ذكرنا عنها في موضوع دور الكتب. وله عدد من التصانيف ، منها كتاب الشعراء القدماء والاسلاميين ، وكتاب اخبار اسحاق بن ابراهيم ، وكتاب فن الطبيخ (٣). وقد قرب المتوكل على الله عليا اليه ، وكان قد قدمه اليه الفتح بن خاقان ، فاغدق عليه الهبات واجزل له الارزاق ، حتى قال علي : احصيت ما وصل الي من أمير المؤمنين المتوكل على الله من رزق وصلة ، فكان مبلغه ثلاثمائة ألف دينار (٤).
وممن نادم المتوكل على الله أبو عبد الله أحمد بن ابراهيم بن اسماعيل بن حمدون ، وكان اديبا شاعرا ومن شيوخ اللغة وقد درس عليه العالم اللغوي ثعلب. غضب عليه المتوكل على الله مرة فنفاه الى تكريت ، ثم بعث من قطع اذنه (٥) ، ولكنه ما لبث ان اعاده الى مجلسه. ولما رضي عنه وهبه جارية يقال لها صاحب ، وكانت حسنة كاملة الأدب ، الا ان احد الخدم صدع ثنيتها فاسودت فشانها
__________________
(١٥) الطبري ٩ / ٢٢٧ ، ومروج الذهب ٤ / ١٢١.
(١٦) الفهرست / ٢١١ ، وتاريخ بغداد ٢ / ١٢١ ـ ١٢٢.
(١٧) الفهرست / ٢١١.
(١٨) معجم الادباء ٥ / ٤٦٥.
(١٩) الديارات ٦ ـ ٧.