قال : فو الله دخل على المتوكل على الله من السرور ما قام الى الفتح فوقع عليه يقبله. ووثب الفتح فقبل رجله. فأمر الخليفة بشرائها ، وبعث بها الى الفتح.
وقال الفتح : دخلت يوما الى المتوكل على الله فرأيته مطرفا متفكرا ، فقلت : يا أمير المؤمنين ما هذا الفكر؟ فو الله ما على ظهر الأرض أطيب منك عيشا ولا انعم منك بالا. فقال : يا فتح ، أطيب عيشا مني رجل له دار واسعة وزوجة صالحة ومعيشة حاضرة ، لا يعرفنا فنؤذيه ، ولا يحتاج الينا فنزدريه (١).
قال البحتري : قال لي المتوكل على الله : قل في شعرا وفي الفتح ، فاني أحب أن يحيا معي ولا افتقده فيذهب عيشي ولا يفتقدني فيذل. فقلت (٢) :
سيدي انت كيف اخلفت وعدي |
|
وتثاقلت عن وفاء بعهدي |
لا ارتني الأيام فقدك يا ف |
|
تح ولا عرفتك ما عشت فقدي |
أعظم الرزء ان تقدم قبلي |
|
ومن الرزء ان تؤخر بعدي |
حسدا أن تكون الفا لغيري |
|
اذ تفردت بالهوى قبل وحدي |
وقال البحتري : قد كنت عملت هذه الابيات في غلام كنت اكلف به ، فلما أمرني المتوكل بما أمر تنحيت فقلت الابيات واريته انني
__________________
(١٣) تاريخ الخلفاء / ٣٥٣.
(١٤) معجم الادباء ٦ / ١٢٠ ، وفوات الوفيات ٢ / ٢٤٧ ، وجاء في عجز البيت الاخير (نيل) بدلا من (قيل).