فتطير اسحاق من اقتراحه ، الا انه غناه اياه ، فشرب عليه مرارا ، وأمر له بثلاثين ألف درهم ، واذن له بالانصراف ، وكان آخر عهده به (١). فقد توفى الواثق بالله بعد ذلك بقليل.
وذكر أبو الحسن الصابي هذا الخبر على الشكل الآتي : ذكر اسحاق بن ابراهيم الموصلي قال : دخلت يوما على الواثق بالله وهو مصطبح ، فقال : غن يا اسحاق صوتا غريبا لم اسمعه منك حتى أكون عليه بقية يومي مسرورا. فكأن الله انساني الغناء كله الا هذا الصوت :
يا دار ان كان البلى قد محاك |
|
فانه يعجبني ان أراك |
أبكي الذي قد كان لي تألقا |
|
فيك فآتي الدار من أجل ذاك |
قال : فتبنيت الكراهية في وجهه ، وندمت على ما فرط مني ، وتجلدت. وشرب رطلا كان في يده ، وعدلت عن الصوت الى غيره. فكان والله ذلك اليوم آخر جلوسي معه (٢).
وكان الشاعر الحسين بن الضحاك يلازم الواثق بالله في مجالسه الغنائية وينادمه في شرابه. قال الحسين : شهدت الواثق بالله بعد موت المعتصم بالله بأيام في أول مجلس يجلسه. فغنته شارية جارية ابراهيم بن المهدي :
ما درى الحالمون يوم استقلوا |
|
نعشه للثواء أم للبقاء |
فبكى وبكينا معه ، حتى شغلنا البكاء عن جميع ما كنا فيه. ثم تغنى بعض الحاضرين فقال :
__________________
(٧٦) نفس المصدر ٥ / ٤١٦.
(٧٧) الهفوات النادرة / ٣٢.