فقال اسحاق : يا أمير المؤمنين نجمع بينهما ونمتحنهما ، وسينكشف الامر ، فاحظرا. فاستأذن اسحاق في ان يمتحنهما ، فوافق الواثق بالله. فسمى اسحاق ثلاثة أصوات كان أولها :
علق قلبي ظبية السيب |
|
جهلا فقد أغري بتعذيبي |
فتقدم زلزل وقصر عنه ملاحظ. فعجب الواثق من مهارة اسحاق وسرعته في كشفهما. فطلب ملاحظ ان يضرب اسحاق الصوت ليروا مهارته. فقبل اسحاق التحدي ، وطلب الى ملاحظ ان يشوش عوده ، ففعل ذلك. وقال اسحاق : ان ملاحظا قد خلط الأوتار تخليط متعنت بحيث افسدها. ثم أخذ العود منه وجسه حتى عرف مواقعه ، وطلب الى ملاحظ ان يغني أي صوت يشاء. فغنى ملاحظ صوتا غريبا ، وضرب عليه اسحاق بذلك العود الفاسد التسوية ، ولم يخرج عن لحنه في موضع واحد حتى استوفاه. فقال له الواثق بالله : لا والله ما رأيت مثلك ولا سمعت به ، وطلب اليه ان يطرح ذلك على الجواري. فقال : هيهات يا أمير المؤمنين ، ان هذا لا تعرفه الجواري ولا يصلح لهن. قال له الواثق بالله : صدقت ، ولئن مت لتموتن هذه الصناعة معك ، وأمر له بثلاثين ألف درهم (١).
ودخل اسحاق مرة على الواثق بالله يستأذنه في الانحدار الى بغداد ، فوجده مصطبحا فطلب اليه الواثق بالله أن يغنيه :
ألا ان أهل الدار ودعوا الدارا |
|
وان كان أهل الدار في الحي اجوارا |
وقد تركوا قلبي حزينا متيما |
|
بذكرهم لو يستطيع لقد طارا |
__________________
(٧٥) الاغاني ٥ / ٢٨٠ ـ ٢٨٢.