واصطبح الواثق بالله في يوم مطير ومعه اسحاق الموصلي ومغنون اخرون. واتصل شربهم وقد اسرفوا فيه حتى سقطوا صرعى فرقدوا في أماكنهم. وأمر الخليفة خدمه بأن لا يحركوا أحدا من موضعه. وعند ما افاق أمر بانباههم فقاموا واصلحوا من شأنهم. فجاء اسحاق الى الواثق بالله وهو جالس وفي يده كأس وهو يروم شربها والخمار يمنعه ، فقال له : يا اسحاق انشدني في هذا المعنى شيئا. فانشده اسحاق قول الاشجع السلمى :
وقد طعنت الليل في اعجازه |
|
بالكأس بين غطارف كالأنجم |
يتمايلون على النعيم كأنهم |
|
قضب من الهندي لم تتثلم |
وسعى بها الظبى الغرير يزيدها |
|
طيبا ويغشمها اذا لم تغشم |
والليل منتقب بفضل ردائه |
|
قد كان يحسر عن أغر أرثم |
واذا ادارتها الأكف رأيتها |
|
تثنى الفصيح الى لسان الأعجم |
فطرب ، وقال : أحسن والله أشجع ، واحسنت أنت يا أبا محمد ، أعد بحياتي. فاعدتها وشرب كأسه ، وأمر لي بألف دينار (١).
وتناظر المغنون يوما في مجلس الواثق بالله ، فذكروا الضراب على العود وخدقهم ، وقدم اسحاق زلزلا على ملاحظ الذي كانت له الرياسة على جميعهم. فقال له الواثق بالله : هذا حيف وتعد منك.
__________________
(٧٤) نفس المصدر ١٨ / ٢٢١ ـ ٢٢٢. يغشمها : يغتصبها. والفرس الارثم : الذي في طرف أنفه بياض.