تعرفه تاريخيا ان الاسكندر بعد ان غزا بلاد فارس وقبل ان يتوجه الى الهند مر ببخارى وسمرقند. وان البعثة التي أوفدها الواثق بالله من سامرا كانت قد ذهبت الى اواسط آسيا ووجدت هذا المضيق البالغ عرضه ١٥٠ ياردة ، وعليه ضلفتين مصنوعتين من طابوق من الحديد الملحوم بالرصاص ، وانهما مغلقتان دائما ، فاطمأنت الى سلامته وعادت لتخبر الخليفة بذلك (١).
وعلى هذا يرى الاستاذ عبد الله علي ان المقصود بذي القرنين هو الاسكندر المكدوني ، وان السد الذي بناه يقع في تركستان في أواسط آسيا ، وذلك استنادا الى ان الوصف القرآني أكثر انطباقا على الاسكندر وعلى المضيق المذكور. ويلاحظ ان هذا يطابق ما ذهب اليه المفسرون والمؤرخون المسلمون مما اشرنا اليه آنفا من ان ذا القرنين هو الاسكندر. بل لقد ذهب بعضهم الى القول بان ذا القرنين عربي من اليمن ، اذ يقول المقريزي ان اسمه الصعب بن ذى مراثد وانه من ملوك حمير ، وقد غلط من ظن ان الاسكندر بن فليبس هو ذو القرنين الذي بنى السد ، فان لفظة «ذو» عربية ، وذو القرنين من القاب العرب ملوك اليمن (٢).
ان الذي يستنتج من رحلة سلام الترجمان ، مع ما اكتنفها من الخلط والاشتباه وما اعتورها من الشك ، ومهما تضمنت من مبالغة في وصف السد وبنائه وآثاره ، ان البعثة كانت قد وصلت الى المنطقة التي يقع فيها السد ، سواء كانت نفس المنطقة التي توصل اليها أبو الكلام آزاد في تحقيقه أو التي توصل اليها بحث عبد الله علي. وهذا ما يوضح ان مكان السد كان معروفا في أيام الواثق بالله. ويلاحظ التشابه في وصف المنطقة في تحقيق أبي الكلام آزاد وبحث عبد الله علي وفي تقرير بعثة سلام ، حيث يؤكد التقرير على وجود الفجوة أو الممر في الجبل الذي شيد فيه السد ، وهي الممر
__________________
(٣٩) ترجمة معاني القرآن الكريم الى اللغة الانكليزية / ٧٥٣ ـ ٧٥٧.
(٤٠) الخطط المقريزية ١ / ١٥٣.