أما المقدسي البشاري فانه ينقل ما جاء في كتاب ابن خرداذبة عن قصة سد ياجوج وماجوج دون ان يعلق عليها سوى انه يتخذ منها دليلا على رد من زعم ان السد في بلاد الاندلس (١).
كما شك بها ياقوت الحموي الذي لخص في معجمه رحلة سلام الترجمان ، وقال في آخرها : قد كتبت من خبر السد ما وجدته في الكتب ، ولست أقطع بصحة ما اوردته لاختلاف الروايات فيه ، والله اعلم بصحته (٢).
لا يستطيع القاريء ان يقرر ما اذا كان الارتباك في رواية سلام الترجمان يعود الى عدم دقته في تقريره الذي رفعه الى الخليفة وقد تشوشت في ذهنه أحداث الرحلة ، أم أن ابن خرداذبة لم يكن دقيقا أمينا في نقل الرواية. فقد قال أبو الفرج الاصبهاني فيه : وهو ممن لا يحصل قوله ولا يعتمد عليه (٣).
لقد ورد في آخر سورة الكهف من القرآن الكريم ، في الايات (٨٤ ـ ٩٩) خبر ذى القرنين وبنائه السد ، دون ان يذكر اسم ذى القرنين والمكان الذي بنى فيه السد. وقد بقي ذلك موضع تساؤل المفسرين والمؤرخين المسلمين وذهابهم الى ان ذا القرنين هو الاسكندر المكدوني ، باعتبار انه كان صالحا وقد ملك قرني الدنيا ، أي جانبيها شرقا وغربا. وقد فسرت تسميته بذى القرنين بعدة تفسيرات ذكرها الزمخشري في تفسيره (٤). ولخص قدامة بن جعفر رأي قدامى المؤرخين المسلمين في ذي القرنين والسد الذي بناه. وذلك ان الاسكندر وصل في فتوحاته الى الصين فهادته ملكها. ثم سار لاخضاع القبائل التركية ، فبلغه عن قوم كثيري العدد من
__________________
(٣١) أحسن التقاسيم / ٣٦٥.
(٣٢) معجم البلدان ٣ / ٢٠٠.
(٣٣) الاغاني ١١ / ٣٣٣.
(٣٤) تفسير الزمخشري ٢ / ٧٤٣.