وبعد ان اتمت البعثة تحريها عادت راجعة الى عاصمة الخلافة. وقد اتبع الادلاء في العودة بهم طريق خراسان. فوصلوا الى نيسابور حيث استقبلهم أمير خراسان عبد الله بن طاهر وأكرمهم. وقد مات أكثر أفراد البعثة ولم يبق منهم سوى أربعة عشر رجلا وثلاثة وعشرين بغلا. فلما وصلت البعثة الى سر من رأى قدم سلام الترجمان تقريرا مفصلا الى الخليفة الواثق بالله ، فسر وحمد الله ، وأمر بصدقة ، ومنح رجال البعثة ألف دينار لكل رجل.
ويقول ابن خرداذبة ، حدثني سلام الترجمان بجملة هذا الخبر ، ثم أملاه علي من كتاب كان كتبه للواثق بالله (١).
لقد استغرقت البعثة في ذهابها ستة عشر شهر او في ايابها اثني عشر شهرا وبضعة أيام. الا ان القزويني وياقوت الحموي يقولان ان الرحلة استغرقت ثمانية عشر شهرا (٢). ويلاحظ ان الطريق الذي سلكته البعثة في ذهابها الى موقع السد بدأ من تفليس قاعدة ارمينية ، ومنها الى بلاد السرير ، ثم بلاد اللان ، فبلاد الخزر التي بعث ملكها معهم ادلاء اجتازوا بهم أرضا منتنة حتى وصلوا الى مدينة ايكة ويرجح انها باكة التي تدعى اليوم باكو. وهي منطقة نفطية وان الروائح الكريهة كانت رائحة الغاز المنبعث من تلك الارض.
ويلاحظ كذلك ان وصف طريق العودة بمرور البعثة بخراسان فيه شيء من الاضطراب في ذكر المدن التي مرت بها ، حيث يقول سلام انهم وردوا سمرقند ثم ساروا الى اسبيشاب (اسبيجاب) ومنها عبروا نهر بلخ (جيحون) فصاروا الى اشروسنة ومنها الى بخارى وترمذ ثم نيسابور فالري ومنها الى سامرا. فمن المستغرب ان تصل البعثة من اقليم اذربيجان وهو غربي بحر الخزر الى سمرقند وهي من مدن ماوراء النهر ، ثم تعود البعثة شمالا الى مدينة اسبيجاب التي
__________________
(٢٧) المسالك والممالك / ١٧٠ ، وكامل الرواية في الصفحات ١٦٢ ـ ١٧٠. وتجد خلاصة وافية لها في معجم البلدان ٣ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.
(٢٨) اثار البلاد / ٥٩٦ ـ ٥٩٧ ، ومعجم البلدان ٣ / ٢٠٠.