وتتميز منارة هذا الجامع بان مراقيها من ظاهرها ويطلع اليها بدرج ظاهرة عريضة تسع جملين يصعدان اليها. وقد اقيمت خارج الجامع فوق قاعدة مربعة ، وبمصعد داخلي يتمشى حلزونيا ، اضافة الى الدرج الخارجي (١). ويقال ان سبب عمارتها على هذه الصورة ان احمد بن طولون أخذ يوما وهو في مجلسه درج ورق وعبث به باصابعه فخرج بعضه وبقي بعضه. فاستغرب الحاضرون منه ، فقال لهم : اني أريد أن أبني منارة مسجدي الجامع كذلك ، وأمر المهندسين أن يبنوها على ذلك الشكل (٢). ولعله كان بعبثه بدرج الورق يحاول أن يصف لهم منارة سامرا الملوية التي كان يعرفها جيدا. ويقول المقريزي انه بناه على غرار جامع سامرا وكذلك المنارة (٣). ويؤيد ذلك الاستاذ مارتن بريكزMartin.S.Briggs في الفصل الذي كتبه عن «فن العمارة» في كتاب تراث الاسلام ، عند كلامه عن جامع ابن طولون بقوله «ان أهميته في تاريخ العمارة الاسلامية قد نقصت بعض النقص لأننا نلاحظ ان بعض الظواهر المعمارية فيه موجودة في بعض أبنية عراقية أقدم عهدا منه. وجامع ابن طولون مسجد جامع كبير يكاد يكون مربع الشكل ، وفيه صحن تحيط به أروقة ذات بوائك. ورواق القبلة أكبر بكثير من الأروقة الاخرى. وبين جدران الجامع وسوره الخارجي أروقة خارجية مكشوفة ... والسور الخارجي ضخم جدا ، وعليه شرقات زخرفية ... وفي أسفل شرفات السور صف من طاقات على شكل أقواس مدببة ، وعلى هذه الطاقات ركبت شبابيك من الجص مخرمة ، وتفصل كل طاقة منها عن التي تليها حنيات مدببة ورؤوسها ذات فصوص عديدة ، أو فيها زخارف بارزة ... ويمكننا ان نقول في ثقة واطمئنان ان الجامع الطولوني (٧٢) الانتصار / ١٢٤ ، وذكر الجملين هنا لتصوير سعة الدرج.
__________________
(٧٣) الفن الاسلامي / ٣٤.
(٧٤) الانتصار / ١٢٤ ، وصبح الاعشى ٣ / ٢٤٠.
(٧٥) الخطط المقريزية ٢ / ٢٦٦.