المنابر ، وكانت صيغة اللعنة هي اللهم العنه لعنا يفل حده ، ويتعس جده ، واجعله مثلا للغابرين ، انك لا تصلح عمل المفسدين (١).
وتوجه ابن طولون الى أهل طرسوس ليحاول استمالتهم بالحسنى ، فوجد يازمان الخادم قد تحصن بالمدينة ، مما اضطره على محاصرتها. الا ان اشتداد البرد وكثرة الامطار والثلوج اضطرته على الرحيل عنها فعاد الى مصر مريضا.
تأسيس مدينة القطائع :
عند ما جاء ابن طولون الى مصر سكن دار الامارة في العسكر ، الا ان مماليكه ورجاله ازداد عددهم كثيرا بحيث ضاق بهم العسكر. فقرر ان يختط مدينة في سفح الجبل ، فأمر بحرث قبور اليهود والنصارى وبنى في موضعها القصر والميدان. وتقدم الى قواده وغلمانه بان يختطوا لأنفسهم حول القصر ، فاختطوا وبنوا حتى وصل البناء الى الفسطاط. وقد تم البناء بشكل قطائع ، أي حارات ، وسميت كل قطيعة باسم من سكنها. فكان للجنود النوبيين قطيعة منفردة سميت بهم ، وللروم قطيعة عرفت بهم أيضا ، كما كان لكل صنف من غلمانه قطيعة خاصة. وبنى القواد في مواضع متفرقة. فعمرت القطائع وتفرقت فيها السكك والأزقة. وبنيت فيها المساجد والاسواق والطواحين والحمامات والأفران. وسميت الاسواق بحسب حرف شاغليها ومهنهم ، كسوق العطارين وسوق البزازين وسوق الصيارفة ..
وهكذا صارت القطائع مدينة كبيرة عامرة ، وبنى الأمير أحمد قصره وجعل له ميدانا كبيرا يستعرض فيه الجيش ويلعب كرة الصولجان. وسمي القصر كله الميدان ، وقد عملت له عدة أبواب لكل منها اسم خاص ، أهمها باب الميدان ومنه يدخل ويخرج معظم
__________________
(٦٣) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢٢٩ ، والخطط المقريزية ١ / ٣٢١.