الطويل امتنع عليه. فحاربه ابن طولون واستولى على المدينة عنوة ، فقتل سيما واستباح أمواله. ثم سار الى طرسوس فنزلها بجنوده ، فضاقت بهم وغلت الاسعار فيها ، مما سبب نقمة اهلها فطلبوا اليه الخروج منها. فأمر ابن طولون جنده ان يتظاهرا بالهزيمة من المدينة ليوهم الروم بقوة حاميتها وانها استعصت عليه رغم قوة جيشه وكثافته (١). فعاد منها الى دمشق فبلغة خبر خروج ابنه العباس عليه فعاد مسرعا الى مصر لمعالجة الامر.
خرج أهل طرسوس على عامل ابن طولون خلف الفرغاني وطردوه وولوا عليهم القائد يا زمان الخادم. مما اضطر ابن طولون ان يخرج ثانية الى دمشق لمحاربة أهل طرسوس. وكان الخليفة المعتمد على الله حينذاك قد ضاق ذرعا باستبداد أخيه الموفق بأمور الدولة دونه فاتصل بأبن طولون بدمشق يستنصره على أخيه ، وبعث اليه يعلمه بانه خارج اليه. وقد رحب ابن طولون بالتجاء الخليفة اليه لأن ذلك سيجعل مصر حاضرة الخلافة (٢). مما يدعم مركزه تجاه الامير الموفق ويزيد في استقلال امارته ، وانه لمكسب عظيم لمصر ولأميرها. الا ان محاولة المعتمد في الهرب الى دمشق فشلت. اذ استطاع عامل الموصل اسحاق بن كنداج الخزري ، بايعاز من الموفق ، ان يحتال على الخليفة وحاشيته فمنعهم من السفر وردهم الى سامرا حيث أصبح المعتمد على الله محجوزا عليه.
ولما بلغ ابن طولون ما فعله الموفق بالخليفة ، أمر بكتاب وجهه الى مصر خلع فيه الموفق من ولاية العهد لمخالفته الخليفة وحجزه اياه ، جاء فيه ان أبا أحمد الموفق خلع الطاعة وبريء من الذمة فوجب جهاده على الأمة (٣). واشهد على ذلك الحاضرين من القواد
__________________
(٥٨) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢٢٠.
(٥٩) نفس المصدر / ٥١٢.
(٦٠) الخطط المقريزية ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١.