وكان بابك أرسل أخاه عبد الله الى حصن اسطفانوس ، اذ قال لسنباط ليس يستقيم أن أكون أنا وأخي في موضع واحد ، فلعله أن يعثر باحدنا فيبقى الاخر (١). فارسل الافشين الى عيسى بن يوسف بن اسطفانوس يطلب منه عبد الله فانفذه اليه. فلما صار في يده حبسه مع أخيه ووكل بهما حرسا يحافظ عليهما. وكتب الى الخليفة بالفتح واطلق الحمام بذلك (٢). فأمره بالقدوم بهما عليه. فقدم بهما في أوائل صفر سنة ٢٢٣ ه ولما صار قريبا من سامرا تلقاه هارون بن المعتصم بالله وآخرون من عائلة الخليفة ، وانزل الافشين بابك عنده في قصره بالمطيرة.
وفي اليوم التالي قعد المعتصم بالله لبابك ، واصطف الناس من باب العامة الى المطيرة. وأمر الخليفة ان يشهر ببابك وان يراه الناس ، فحمل على فيل. فقال الوزير محمد بن عبد الملك الزيات (٣) :
قد خضب الفيل كعادته |
|
يحمل شيطان خراسان |
والفيل لا تخضب أعضاؤه |
|
الا لذى شأن من الشان |
فاستشرفه الناس حتى ادخل الى دار العامة أمام أمير المؤمنين ، فأمر بقتله. ويصف المسعودي كيفية قتله وصفا دقيقا. اذ جرد من الزينة وقطعت يداه ورجلاه ، ثم طعن بالسيف في قلبه ، وجز لسانه ، ثم صلبه على خشبة عالية ، وحمل رأسه الى بغداد ونصب على الجسر ، ثم حمل الى خراسان ليطاف به في كل مدينة من مدنها ، لما كان في نفوس الناس من استفحال أمره وعظم شأنه (٤). ثم أمر
__________________
(٥٩) الطبري ٩ / ٤٨.
(٦٠) مروج الذهب ٤ / ٥٦.
(٦١) الطبري ٩ / ٥٣ ، والكامل ٦ / ٤٧٧.
(٦٢) مروج الذهب ٤ / ٥٨.