على جماعة من رؤسائهم وضربهم بالسياط ، واستصحب بعضهم معه الى مصر ، فطيف بهم في المدينة. فخلع ابن طولون على لؤلؤ خلعة وطوقه بطوقين (١).
كما قامت فتنة أخرى في أعلى الصعيد وقد تزعمها أبو عبد الله العمري وهو عبد الله بن عبد الحميد بن عبد الله من نسل عمر بن الخطاب (٢) وكان العمري قد خرج غضبا لله وللمسلمين ، اذ آلمه ما ارتكبه أبناء قبيلة البجة الذين كانوا يهاجمون صعيد مصر ويقتلون وينهبون ثم يعودون سالمين. فكمن لهم مع عدد من اصحابه فلما عادوا خرج اليهم وقتل قائدهم فولوا منهزمين فتبعهم الى بلادهم فنهبها وقتل منهم كثيرا ، ولم يسلموا منه حتى أدوا له الجزية. واشتدت شوكة العمري وكثر اتباعه ، فسير اليه ابن طولون جيشا فحاول العمري أن يقنع قائد الحملة بأنه ليس خارجا على السلطة وانما خرج للجهاد ضد البجة وان الامير ابن طولون اذا عرف ذلك فسوف يتركه وشأنه. الا ان القائد لم يجبه الى ذلك فقاتله فانهزم جيش ابن طولون. فلما اخبروه بحال العمري لامهم لأنهم لم يعلموه بأمره وانه نصر عليهم لبغيهم عليه. الا ان اثنين من غلمان العمري وثبا به وقتلاه وحملا رأسه الى أحمد بن طولون تقربا اليه. الا انه اسف على مقتله وقتلهما به. وأمر برأس العمري فغسل وكفن ودفن (٣).
وكان خروج العباس بن أحمد بن طولون في سنة ٢٦٤ ه اخطر ما واجه أحمد. اذ كان قد خرج في السنة المذكورة الى بلاد الشام واستخلف ابنه العباس ، وهو أكبر أبنائه ، على مصر ، وابقى معه كاتبه أحمد بن محمد الواسطي ليعاونه في ادارة شؤون الامارة.
__________________
(٤٦) الكامل ٧ / ٢٨٣.
(٤٧) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢١٤ ، والكامل ٧ / ٢٦٤ وفيه : هو ابو عبد الرحمن العمري واسمه عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الله.
(٤٨) الكامل ٧ / ٢٦٤ ـ ٢٦٥.