القضاء على الاضطرابات والفتن الداخلية :
صرف ابن طولون جهودا بالغة في اخضاع الفتن والعمل على تهدئة الأوضاع الداخلية وتوفير الأمن والاستقرار في ربوع البلاد. واستطاع ان يقضي بحزم على ما قام منها في بداية امارته. وكان أهمها فتنتان اثارهما العلويون الذين كانوا ينقمون على الولاة الاتراك لما يلقونه على أيديهم من التعسف والقسوة. وقد تزعم الاولى أحمد بن محمد بن عبد الله بن طبا طبا العلوي المعروف ببغا الأصغر ، وقد خرج غربي مصر في سنة ٢٥٥ ه في منطقة الكنائس بين الاسكندرية وبرقة ، ثم سار الى صعيد مصر. فوجه ابن طولون حملة عسكرية لمحاربته وقد استطاعت تشتيت اتباعه ، وقتل العلوي ، وجيء برأس العلوي الى الفسطاط ، فقضى على فتنته (١). أما الفتنة الثانية فقد تزعمها ابن الصوفي العلوي وهو ابراهيم بن يحيى بن عبد الله ، وقد خرج في الصعيد أيضا ودخل مدينة أسنا في سنة ٢٥٦ ه فنهبها وقتل كثيرا من أهلها. واستطاع أن يهزم الحملة التي وجهها اليه ابن طولون ، وظفر بقائدها فصلبه بعد أن قطع يديه ورجليه. الا ان الحملة الثانية التي وجهت اليه تمكنت منه فاضطر على الهرب الى الواحات. ثم ضعف أمره عند ما اصطدم في سنة ٢٥٩ ه بخارج اخر على السلطة هو أبو عبد الله العمري وهزم أمامه. ولما وجه ابن طولون اليه جيشا آخر لم يصمد أمامه ففر هاربا ، فعبر البحر الاحمر الى مكة فأقام بها. فعلم به واليها فقبض عليه وحمله الى ابن طولون فسجنه مدة ، ثم اطلقه فخرج الى المدينة فمات فيها (٢).
وأعلن أهل برقة التمرد في سنة ٢٦١ ه وطردوا عامل ابن طولون فبعث اليهم غلامه لؤلؤا فقضى على تمردهم. وقبض لؤلؤ
__________________
(٤٤) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢١٢ ، والخطط المقريزية ٢ / ٣٣٩.
(٤٥) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢١٣ ـ ٢١٤ ، والكامل ٧ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩.