بقي يزيد واليا على مصر طيلة أيام المنتصر بالله والمستعين بالله ، وكذلك أقره المعتز بالله لما بويع له بالخلافة. الا ان ثورة قامت في الاسكندرية وامتدت الى الجيزة والفيوم ، في ربيع الاخر سنة ٢٥٢ ه في خلال فترة اضطراب الخلافة ، وقد تزعمها جابر بن الوليد المدلجي وانضم اليه كثير من الناس وخاصة الانتهازيون منهم. ويظهر ان يزيد عجز عن القضاء على ثورة جابر وعبث اتباعه ، فاستنجد بالخليفة المعتز بالله فبعث اليه القائد مزاحم بن خاقان معينا له ، فقدم مزاحم الى مصر بجيش كبير. الا ان الاضطراب استمر في البلاد مما دل على عجز يزيد ، فصرفه المعتز بالله عن الولاية وعين القائد المذكور بدلا عنه ، بعد ان دامت ولايته عشر سنوات ونصف السنة.
فصرف مزاجم جهوده في اخماد الثورة واعادة الأمن والاستقرار الى البلاد ، وقد استطاع بعد معارك عديدة أن يقضي على اتباع جابر ، واضطره الى طلب الأمان ، فأمنه مزاحم مع نفر من أصحابه ، وبعث بهم الى حاضرة الخلافة (١).
وكان مزاحم بن خاقان قد عين على شرطة مصر ارخوز بن طرخان التركي ، فحاول هذا ان يحتذي بيزيد بن عبد الله ، فمنع النساء من الخروج الى الحمامات والمقابر ، ومنع الحصر والمساند التي كانت تتخذ للمجالس في الجوامع ، ونهى عن أن يشق ثوب على ميت أو يسود وجه أو يحلق شعر أو تصيح امرأة ، وسجن النوائح ، واشتد في هذه الامور (٢).
__________________
(٢٧) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢٠٥ ـ ٢١٠.
(٢٨) النجوم الزاهرة ٢ / ٣٣٧ ، وكتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢٠٨ ويسميه ازجور والخطط المقريزية ١ / ٣١٣ وجاء اسمه فيه ارجوز ، وفضلنا ما جاء في النجوم الزاهرة لانه يتفق مع ما جاء في الطبري ٩ / ٥٤٤.