وولى بعده عيسى بن
منصور للمرة الثانية. وكان القائد أشناس قد توفى فعهد الخليفة بولاية مصر الى
القائد ايتاخ ، فأقر ايتاخ عيسى بن منصور على امارته ، فاستمر فيها حتى وفاة
الواثق بالله ، فصرف عنها في أول خلافة المتوكل على الله. وقد استطاع عيسى في خلال
ولايته الثانية ان يمهد الامور ويقضي على الفتن. ولما ورد أمر الواثق بالله في سنة ٢٣١ ه بامتحان العلماء
والفقهاء والناس بخلق القرآن والتشدد في ذلك ، وقف الوالي الى جانب القاضي المتزمت
محمد بن أبي الليث في ارهاق الناس في أمر المحنة. وقد استمرت سياسة ارغام الناس في
مصر على القول بخلق القرآن الى ان استخلف المتوكل على الله وابطل المحنة.
لقد اكتسب عيسى بن
منصور خيرة في الادارة والسياسة بحيث كانت أيام ولايته الثانية في مصر هادئة ، عدا
ما تعرض له الناس من أمر المحنة. وقد استمر في ولايته هذه أربع سنوات وثلاثة أشهر.
ولم تطل أيامه بعد عزله غير فترة يسيرة اذ مرض ولزم الفراش حتى مات في منتصف ربيع
الآخر سنة ٢٣٣ .
وعند ما صرف عيسى
عين ايتاخ هرثمة بن النضر الجبلي ، من أهل الجبل ، واليا على الصلاة فقط ، وفي
عهده ورد كتاب المتوكل على الله بترك الجدل في القرآن والرجوع الى اراء أهل السنة
في الامور الشرعية . ولما توفى هرثمة في أواخر رجب سنة ٢٣٤ ه أعاد ايتاخ علي
بن يحيى الى الولاية على مصر ، الا انه ما لبث ان صرفه بعد بضعة أشهر ، واستصفيت
أمواله . ولما قتل ايتاخ جعل المتوكل على الله ولاية مصر لأبنه
محمد المنتصر ، فولى هذا اسحاق بن
__________________