يحى بن الوزير الجروي في جمع من لخم وجذام (١). وقد استنكروا قطع أعطياتهم واعتبروا ذلك انتزاعا لحقوقهم.
ولما ورد كتاب المعتصم بالله بالتشدد بالمحنة استعفى القاضي هارون من ذمك. فكلف قاضي القضاة أحمد بن أبي داود محمدا بن ابي الليث ، وكان من رؤوس القائلين بخلق القرآن ، ان يتولى القضاء. فقال هارون اللهم لك الحمد على معافاتي مما بلوت به غيري (٢). فرفع ذلك الى ابن أبي دواد فأمر هارون بالتوقف عن الحكم ، ثم ما لبث ان عزله وعين ابن أبي الليث قاضيا على مصر بدلا عنه. كان ابن أبي الليث وراقا يقيم بمصر ، وهو فقيه على مذهب الكوفيين. فوضع يده على جميع الاموال المحبوسة. وحاول أن يسيء الى سلفه هارون الزهري ، فحاسبه على بعض أحكامه ، فكان يحضره الى مجلس القضاء ويوقفه مع الخصوم ويحاول ان يهينه وكاد أن يحبسه. وقد بقي ابن ابي الليث على قضاء مصر طيلة أيام الخليفة المعتصم بالله.
مات كيدر قبل أن يتمكن من القضاء على تمرد الجروي ، فتولى ابنه المظفر ولاية مصر باستخلاف أبيه واقرار الخليفة. وقد استطاع ان يقضي على الجروي واتباعه بعد قتالهم في وقائع عديدة. وكان المعتصم بالله أنعم على القائد التركي اشناس بولاية مصر ، فصرف أشناس بن كيدر عن ولايتها وعين موسى بن ابي العباس واليا على الصلاة (٣). فوصل في مستهل رمضان سنة ٢١٩ ه ونزل بالعسكر. وكان موضع العسكر يعرف في صدر الاسلام بالحمراء القصوى ، وهو خطة نزل بها بعض القبائل العربية عند فتح مصر ،
__________________
(٥) نفس المصدر / ١٩٤ ، والخطط المقريزية ١ / ٣١١.
(٦) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٤٤٨.
(٧) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ١٩٥ والنجوم الزاهرة ٢ / ٢٣٢ ، وجاء فيه : وجمع له الخراج في بعض الاحيان.