مدة مقامة ببغداد. فلما خرج انقطعت تلك المخصصات الا الكسوة ما عاش أبو العباس عبد الله (١). لا يخفى ان وجود أربعة آلاف نفس في شارع واحد مبالغ فيه أو انه كان تقديرا اعتباطيا. وان اعالة هذا العدد واكسائهم صيفا وشتاء أمر بالغ التكاليف ، ولا اخال الامير عبد الله يطيق ذلك ، لان كلفة الكسوة وحدها تبلغ ألف ألف درهم سنويا ، ناهيك عن كلفة الخبز واللحوم والتوابل. ومما يشبه هذا ما رواه الذهبي من ان عبد الله وقع مرة على قصص بصلات بلغت اربعة آلاف ألف درهم (٢). وانما قيل هذا عنه ، على ما نرى ، مغالاة في مدحه ، ولا تنسى انه فارسي الاصل والفرس ميالون الى المبالغة بطبيعتهم. وقد بولغ في اخبار كرمه لرفع شأنه واظهاره على الآخرين ممن اشتهروا بالجود والكرم من الولاة والقواد العرب.
وكان عبد الله أديبا شاعرا له شعر مليح ورسائل ظريفة. وقد انقطع اليه أبو العميثل عبد الله بن خليد الأديب الشاعر (٣). وكان كاتبا لأبيه طاهر بن الحسين ، وقد تولى تأديب عبد الله في صغره. ولما صار عبد الله واليا على خراسان صار أبو العميثل كاتبه وشاعره. كما كان عبد الله يحسن الغناء والموسيقى. وقد نسب اليه أبو الفرج أصواتا صنع ألحانها (٤). وقد بلغ من علمه بالألحان انه صنع ألحانا مشهورة وألقاها على جواريه فأخذنها عنه وغنين بها وسمعها الناس عنهن وعمن أخذ عنهن (٥). الا انه يظهر
__________________
(٢٠) تاريخ بغداد ٩ / ٤٨٦.
(٢١) العبر ١ / ٤٠٦.
(٢٢) من موالي العباسيين نشأ في البادية واحسن قول الشعر. له عدد من كتب اللغة والشعر. توفى سنة ٢٤٠.
(٢٣) راجع عن بعض الاصوات التي نسبت اليه : الاغاني ١٢ / ١٠٦ ـ ١١٢.
(٢٤) الاغاني ١٢ / ١١٢.