الى الافشين بذلك ، فأقر الافشين عبد الله مرغما (١). وكان الافشين يطمع في أن يحل محل عبد الله بن طاهر في ولاية خراسان توطئة للوثوب بالخلافة. ويظهر ان هذا هو ما دعا عبد الله الى أن يكون مخلصا في ولائه للمعتصم بالله. وكان موقف عبد الله من الافشين من أهم الاسباب التي حالت دون تحقيق الافشين نواياه.
كان عبد الله اداريا مجربا ، وعلى درجة عالية من الكفاية والحزم ، بحيث ضبط خراسان ضبطا ما ضبطه أحد قبله ، ودانت له البلاد ، واستقامت عليه الكلمة (٢). ومن مظاهر حزمه انه عند ما ولى خراسان استناب بنيسابور محمد بن حميد الطاهري ، فبنى هذا دارا خرج بحائطها الى الطريق. فلما قدمها عبد الله جمع الناس وسألهم عن سيرة محمد فيهم ، فسكتوا. فقال بعض الحاضرين ان سكوتهم يدل على سوء سيرته فيهم. فعزله وأمره بهدم ما بنى في الطريق (٣).
ويعتبر عبد الله من الأجواد. فقد ذكر الخطيب البغدادي اخبارا عديدة عن كرمه الزائد ، فيها كثير من المبالغة. وفي الخبر التالي مثال على ذلك : لما رجع عبد الله من الشام الى بغداد ، صعد فوق سطح داره فرأى دخانا يرتفع الى جواره. فسأل حاجبه عن سبب الدخان ، فأعلمه ان القوم يخبزون. فقال : وهل يحتاج جيراننا الى ان يتكلفوا ذلك؟ ثم أمره أن يحصى جيرانه ممن لا يقطعهم عنه شارع. فمضى واحصاهم فبلغ عددهم أربعة آلاف نفس. فأمر عبد الله لكل واحد منهم في كل يوم بمنين من الخبز ، ومن من اللحم ، وبعشرة دراهم للتوابل في كل شهر ، ومائة وخمسين درهما لكسوة الشتاء ، ومائة درهم لكسوة الصيف. وبقي ذلك دأبه
__________________
(١٧) الطبري ٩ / ١٠٤.
(١٨) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٨٠.
(١٩) الكامل ٧ / ١٤.