وخرج خفاجة في سنة ٢٥٥ ه فهاجم سرقوسة وحاصرها وضيق عليها ، ثم ما لبث ان عاد منها الى بلرم. وفي طريقه اغتاله أحد جنوده فطعنه طعنة قاتلة ، وذلك في مستهل رجب من السنة المذكورة ، فحمل جثمانه الى بلرم فدفن فيها (١). فولى أهل صقلية ولده محمدا وكتبوا بذلك الى أمير بني الأغلب محمد الثاني فأقره على ولايته ، وسير له العهد بالولاية والخلع. ويظهر انه أصبح لأهل صقلية الحق في اختيار الوالي على الجزيرة بحيث يضعون أمير أفريقية أمام الأمر الواقع فيقر اختيارهم الا فيما ندر من الحالات.
استمر محمد بن خفاجة على نهج أبيه في مهاجمة مدن جزيرة صقلية التي ما زالت بيد الروم ، ومحاولة انتزاعها منهم. ولعل أهم ما انجزه خلال مدة ولايته القصيرة انه ارسل حملة في سنة ٢٥٦ ه الى جزيرة مالطة وكان الروم يدافعون عنها ، فاستطاع قائد الحملة أحمد بن عبيد الله بن الأغلب ان يهزم الروم ويطردهم منها ويستولى عليها (٢).
الا ان محمدا ما لبث ان قتل في السنة التالية ، اذ تواطأ عدد من خدمه الخصيان فقتلوه لثلاث خلون من رجب وكتموا آمره ولم يعرف أمر قتله الا بعد يوم من هروب الخدم ، فادركهم حرسه وقتلوا بعضهم (٣). فعهد الامير محمد الثاني بولاية صقلية الى أحد قواده أحمد بن يعقوب بن المضاء بن سلمة الذي ما لبث ان مات في السنة التالية (٤). فولى أهل صقلية ابنه الحسين مكانه ، وأقره أمير بني الأغلب عليها (٥).
__________________
(٧١) البيان المغرب ١ / ١١٥ ، والكامل ٧ / ١٠٨.
(٧٢) الكامل ٧ / ١٠٩.
(٧٣) البيان المغرب ١ / ١١٥ ، والكامل ٧ / ١٠٩ و ٢٤٩.
(٧٤) نفس المصدرين السابقين.
(٧٥) البيان المغرب ١ / ١١٥.