وأكثر العطاء للجند ومنع الظلم عن الناس (١). فكان عهده هادئا فلم تقم أية ثورة أو خلاف ضده. فصرف جهده الى بناء الحصون وتقوية القائم منها ، ويقول ابن الأثير انه بنى بارض أفريقية عشرة آلاف حصن بالحجارة والكلس وأبواب الحديد (٢). ويظهر ان اهتمامه بتقوية الحصون جاء نتيجة استرداد الروم عددا من الحصون التي كان العرب استولوا عليها في صقلية بسبب ضعف تحصينها. اذ لا يخفى ان مناعة أسوار الحصون ومتانة أبوابها وضخامتها كانت من أهم وسائل الدفاع عنها حينذاك.
كما اهتم الأمير أبو ابراهيم بالنواحي العمرانية فانفق كثيرا من الأموال لحفر مواجل الماء وبناء المساجد وتشييد القناطر. واهتم بصورة خاصة بجامع القيروان فزاد في بنائه. وقد أشرنا في فصل سابق الى انه جلب من سامرا تربيعات من الغضار المذهب وزين بها محراب الجامع المذكور ، كما انه جلب له منبرا خشبيا من بغداد وقد زين بزخارف سامرا ، وهو يتكون من صفوف من الحشوات المقسمة الى مناطق مستطيلة تزينها الزخارف الهندسية المتشابكة والنباتات المجردة وتفريعات من ورق العنب (٣). وهو لا يزال قائما شاهدا على ما بلغته الزخرفة العربية من أرقى درجات الروعة في عهد سامرا. وعند ما حدث سيل عظيم في مدينة القيروان في سنة ٢٤٧ ه وكسر قنطرة باب الربيع أمر أبو ابراهيم باصلاحها ، واكمل كذلك مآجل باب تونس الكبير (٤).
ويروي عن احسانه الى الفقراء انه كان يركب في ليالي شعبان ورمضان من القصر القديم حتى ينتهي الى جامع القيروان وبين يديه الشموع ، ومعه دواب محملة بالدراهم يتصدق بها على الضعفاء
__________________
(٥١) البيان المغرب ١ / ١١٢ ، والكامل ٦ / ٥٢٠.
(٥٢) الكامل ٦ / ٥٢٠.
(٥٣) الفنون الاسلامية / ١١٦.
(٥٤) البيان المغرب ١ / ١١٣.