جنوده الى الاستبسال في القتال بما بذله لهم من بذر الاموال ، والاسورة والاطواق التي كان يقلد بها قواده ، ووعوده لهم بزيادة أرزاقهم ، وبانه سيكتب باسماء المستبسلين الى الخليفة ليجزل عطاءهم (١).
كانت خطة الافشين في محاربة الخرمية تقوم على مطاولتهم في الحرب وتضييق الخناق عليهم تدريجيا ، وقطع سبل مواصلاتهم ، مستهدفا حصرهم في عقر دارهم ، ومن ثم الانقضاض عليهم. وأول عمل قام به ، كما سبق ان أشرنا ، أنه أمن سبل مواصلاته بان وزع قواده على مواقع معينة تؤمن حراسة قوافل تموينه وامدادات جيشه ، وأمرهم بتحصينها. كما انه انتهج سياسة الحذر الشديد من مباغتة اتباع بابك وكمائنهم. وكان يجعل نصف جيشه على أهبة الاستعداد دائما ، عملا بتوجيه الخليفة الذي كتب اليه بان يجعل الناس نوائب ، گراديس تقف على ظهور الخيل ، كما يدور العسكر بالليل ، فبعض القوم معسكرون وبعض وقوف على دوابهم ، كما يدور العسكر بالليل والنهار مخافة البيات حتى اذا ما دهمهم امر كان الناس على تعبية (٢).
لقد اشتبك الجيش بالخرمية في عدد من المعارك انتصر فيها عليهم ، قبل معركة البذ الفاصلة. ولعل أهم هذه المعارك التي انهكت الخرمية ، معركة أرشق ومعركة هشتادسر. وتعتبر معركة أرشق أولى المعارك الكبيرة التي انتصر فيها الافشين. وقد أبلى فيها المتطوعون وعلى رأسهم القائد أبو دلف بلاء حسنا. فقد وصل القائد بغا الكبير الى اردبيل وهو يحمل أموالا الى الافشين. فعلم به بابك واستعد بكمائن نصبها لقطع الطريق عليه والاستيلاء على الاموال. فبلغ ذلك الافشين فلجأ الى الخداع والتضليل ، فأمر بغا بأن يسير بقافلته حتى حصن النهر ثم يعود بالاموال الى أردبيل ،
__________________
(٤٦) الطبري ٩ / ٤٠ ـ ٤١.
(٤٧) نفس المصدر / ٤١.