وبنى أبو العباس في سنة ٢٣٩ ه مدينة بقرب تاهرت سماها العباسية ، وظلت قائمة حتى استولى عليها أفلح بن عبد الوهاب الأياضي واحرقها ، وكتب الى الاموي في الاندلس يعلمه بذلك تقربا اليه ، فبعث اليه بمائة ألف درهم جزاء على ما قام به (١).
الفتوحات في صقلية :
استمرت سياسة بني الأغلب في عهد الأمير محمد الاول في محاربة الروم وطردهم من صقلية. وكان الروم قد استرجعوا مسينا التي فتحها العرب قبل عدة سنوات ، فاوعز الأمير محمد الى الفضل بن جعفر باستردادها. فهاجمها الفضل وحاصرها برا وبحرا حتى اضطر أهلها في سنة ٢٢٨ ه ان يطلبوا الأمان لقاء تسليم المدينة. فأمنهم الفضل ، ودخلها بجيشه (٢). ثم سار الفضل بن جعفر الى حصار مدينة لينتيني في سنة ٢٣٢ ه ، وهي تقع جنوبي شرقي بثيرة ، وهي قلعة حصينة على بعد ستة أميال من البحر ، تقع على النهر المسمى باسمها ، وكانت تصلها المراكب القادمة في البحر (٣). فسارع أهلها الى الاستنجاد بقائد الروم في مدينة قصريانة لينصرهم في صد الحملة العربية ، فأجابهم الى طلبهم ، وجعلوا بينهم علامة لوصول النجدة للانضمام الى حامية المدينة. ويظهر ان العلامة التي اتفقوا عليها ، وهي ايقاد النيران على جبل معين في ليلة معينة ، قد تسربت الى القائد العربي فاشعل النيران في الوقت المعين وفي المكان المحدد. فظنها أهل لينتيني انها نيران النجدة التي جاءت لمساعدتهم ، ففتحوا باب الحصن لاستقبالهم. ففاجأهم الجيش العربي الذي اقتحم الحصن قبل ان تصل النجدة الموعودة ،
__________________
(٤٣) فتوح البلدان / ٢٣٦ ، والكامل ٦ / ٥١٩.
(٤٤) المسلمون في جزيرة صقلية / ٧٧.
(٤٥) نفس المصدر / ٢١٥.