فتنة القويع وعودة تونس الى طاعته. فاكرم قائده ووصل قاتل القويع وكساه (١).
وكان البربر في منطقة «لها» بطرابلس تمردوا على عامل المدينة وامتنعوا عن أداء العشور والصدقات ، وحاربوه واضطروه على ترك المدينة ، فالتجأ الى مدينة لبدة وبعث بطلب النجدة من القيروان ، فبعث اليه الأمير محمد جيشا بقيادة أخيه زيادة الله ، فهزم البربر وقتل منهم خلقا كثيرا واسر آخرين فضرب أعناقهم ، واحرق ما كان في معسكرهم ، فقضى بذلك على تمردهم ، فعاد الباقون الى الطاعة.
لقد اعجب أبو العباس بالفقيه المالكي سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي ، واسمه عبد السلام وانما لقب بسحنون باسم طائر حديد الذهن بالمغرب يسمى سحنون ، وذلك لحدة ذهنه وفرط ذكائه (٢). وكان سحنون كبير علماء القيروان في حينه واليه انتهت الرياسة في العلم في المغرب. وقد صنف «كتاب المدونة» في مذهب الامام مالك بن انس ، وصار له من الاصحاب والطلاب ما لم يحصل لغيره من رجال مالك. وعنه اشتهر المذهب المالكي في المغرب (٣) وكان سحنون الى جانب علمه عادلا نزيها ، فولاه أبو العباس القضاء بعد ان أبى وامتنع عليه عاما كاملا خشية التدخل في أعماله ، حتى حلف له الأمير بالايمان المؤكدة ان يطلق يده على أهل بيته وقرابته وحاشيته ، وينفذ عليهم الحق أحبوا أو كرهوا (٤). وبقي سحنون على القضاء الى ان توفى في شهر رجب سنة ٢٤٠ ه.
__________________
(٣٨) البيان المغرب ١ / ١١٠ ، والكامل ٧ / ٤٤.
(٣٩) الكامل ٧ / ٩١.
(٤٠) البيان المغرب ١ / ١٠٩ ، ووفيات الاعيان ٢ / ٣٥٤.
(٤١) وفيات الاعيان ٣ / ٣٥٢.
(٤٢) وفيات الاعيان ٣ / ٣٥٢ ، والبيان المغرب ١ / ١٠٩.