العباس محمد القيروان وصل أهلها واغدق عليهم العطاء حتى استنفذ جميع ما في خزائنه من الأموال والملابس (١).
بعد ان استعاد أبو العباس سلطانه على الامارة واجهته فتنتان الأولى فتنة سالم بن غلبون عامله على الزاب. وكان قد عزله في سنة ٢٣٣ ، فأعلن التمرد وتوجه على رأس جيش يريد القيروان. فدخل مدينة باجة واحتمى بها ليستعد لحرب ابن الأغلب. فوجه اليه الامير أبو العباس جيشا بقيادة خفاجة بن سفيان ، فاستطاع ان يلحق الهزيمة بابن غلبون واتباعه فقتله وحمل رأسه الى ابن الأغلب. وكان ازهر بن سالم رهينة عند ابن الأغلب فقتله عند ما اعلن أبوه العصيان (٢).
أما الفتنة الثانية فقد قام بها عمرو بن سليم التجيبي المعروف بالقويع ، في تونس في سنة ٢٣٤ ه ودامت أكثر من سنتين ، ولم يستطع القائد خفاجة بن سفيان الذي توجه لقتاله ، اقتحام المدينة فرجع ادراجه. فسير ابو العباس في السنة التالية قائد اخر هو محمد بن موسى المدعو عربان على رأس جيش لمحاربة القويع ، الا ان كثيرا من أفراد جيشه انضموا الى جانب الثوار مما اضعف قوة عربان الذي قتل في المعركة وهزم ما بقي من أفراد حملته فعادوا الى القيروان مفلولين (٣). فوجه أبو العباس في سنة ٢٣٦ ه حملة ثالثة على رأسها قائد جيوشه خفاجة بن سفيان ، فهاجمت مدينة تونس وجرى قتال عنيف عند أبوابها. وبعد عدة معارك هزم القويع وقتل الكثير من اتباعه ، وقد ادركه احد جنود خفاجة فقتله وجاء برأسه اليه ، فحمله خفاجة الى الامير أبي العباس ، ودخل الجيش الأغلبي مدينة تونس. وقد سر أبو العباس بالقضاء على
__________________
(٣٥) البيان المغرب ١ / ١٠٩.
(٣٦) نفس المصدر ١ / ١١٠ ، والكامل ٧ / ٤٠.
(٣٧) الكامل ٧ / ٤٤ ، والبيان المغرب ١ / ١١٠ وقيه القويع بدلا من القويع.