كان الأمير محمد قد قلد أخاه أحمد كثيرا من شؤون الامارة رغم ان احمد كان جاهلا مغرورا يطمع بالامارة دون أخيه. ويروى ابن عذارى خيرا يؤيد جهله وقلة علمه ومكابرته ، وذلك انه كتب مرة «لحم ضبي» بالضاد ، فقال له كاتبه : أيد الله الأمير ، الظبي يكتب بالضاء لا بالضاد. فقال أحمد : قد علمنا فيه اختلافا فابو حنيفة يجعله بالظاء ومالك يجعله بالضاد (١). وقد استطاع أحمد بن الأغلب أن يغرى بعض الجند ويكسب ولاءهم ، فقصد بهم مدينة القصر القديم ، وهي مقر الامارة ، وقد خلا بابها من الرجال ، فدخلوها وهاجموا دار الوزير ابي عبد الله بن علي بن حميد فقبضوا عليه وقتلوه. ونشب القتال بين رجال الأمير محمد واتباع أخيه أحمد. فقال أصحاب أحمد لرجال الأمير : ما بالكم تقاتلوننا ونحن في طاعة الأمير؟ انما قمنا على أولاد حميد الذين استولوا على أموال البلاد. فوقف القتال ، لأن الأمير محمدا رأى انه بوغت بهجوم أخيه ولم يكن مستعدا له ، فمال الى المسالة. فعقدت المصالحة بين الأخوين وتحالفا ألا يغدر أحدهما بالآخر. فاستولى أحمد على مرافق الامارة ودواوينها فقبض على من شاء واستصفى أموال من أراد. وجبى الأموال من الناس ، واستوزر نصر بن حمزة (٢). وبذلك بقي الأمير أبو العباس محمد وليس له من الامارة سوى اسمها حتى نهاية عهد الواثق بالله (٣).
الا ان الأمير محمد تمكن في سنة ٢٣٣ ه ان يظفر بأخيه احمد المتغلب على الحكم ، اذ ساعده جماعة من بني عمه ومن مواليه فهاجم بهم القيروان ليلا على غفلة من أحمد وحرسه واستولى عليها وقبض على أخيه ونفاه الى المشرق ، فمات في العراق ، وعند ما دخل أبو
__________________
(٣٢) البيان المغرب ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٣٣) البيان المغرب ١ / ١٠٨.
(٣٤) الكامل ٧ / ٢٥.