قصريانة في سنة ٢٢٣ ه (١). وكان الروم قد حشدوا جيشهم للدفاع عنها ، فحاصرها الجيش العربي وما لبث أن تمكن من فتح ثمرة في سورها مما سهل له اجتيازه والدخول الى المدينة ، فاضطرت حاميتها على الاستسلام.
وكانت سفن بني الأغلب ، تهاجم في نفس الوقت ، سواحل ايطاليا الجنوبية فاستولت على مدينة طارنطة (٢) ، ومدينة باري (٣) ، اللتين اتخذهما الجيش العربي قواعد لزحفه شمالا نحو مدينة روما.
أعماله العمرانية :
كان الأمير زيادة الله محبا للعمران ، فجدد عمارة جامع القيروان بعد أن هدمه كله. وأراد أن يهدم المحراب ويبني غيره ، فقيل له ان من تقدمه من الولاة توقفوا عن ذلك باعتباره أثرا قديما وقد وضعه الصحابي عقبة بن نافع. ولما الح على ذلك قال له أحد البنائين انه يستطيع أن يخفيه بين جداريه ويبني أمامه محرابا جديدا ، فاستصوب رأيه وعمل بموجبه (٤). ولا يزال الجامع المذكور على بنائه حتى اليوم. والمحراب كله وما يليه مبني بالرخام الأبيض من أعلاه الى أسفله ، ومخرم بالنقوش بكتابة وزخارف جميلة الصناعة. وطول الجامع ٢٢٠ ذراعا وعرضه ١٥٠ ذراعا وعدد أعمدته ٤١٤ عمودا ، وقد بنيت فيه مقصورة. وبلغ ما انفقته عليه ستة وثمانين ألف مثقال من الذهب (٥). أما
__________________
(٢١) قصريانة : مدينة جبلية ذات حصون وقلاع منيعة صعبة المنال.
(٢٢) طارنطة : تقع في الجنوب الشرقي من شبه جزيرة ايطاليا على الخليج المسمى باسمها ، وتسمى اليوم ترنتو.
(٢٣) بارى : تقع شمالي شرقي طارنطة على الساحل الشرقي لجنوبي ايطاليا.
(٢٤) المغرب للبكري / ٢٣.
(٢٥) نفس المصدر / ٢٣ ـ ٢٤.