المئذنة المربعة التي كانت قد شيدت على طراز المآذن السورية فقد حافظت على شكلها وطرازها ، وهي تعتبر من أقدم المآذن القائمة في شمالي أفريقية. وقد افضى هذا الجامع بفخامته وروعة بنائه على القيروان حلة من المهابة جعلها من أمهات المدن العربية الاسلامية.
وقد اهتم زيادة الله كذلك بتحصين مدن أفريقية. فبنى لمدينة سوسة سورا كان يفخر به ويقول (١) : ما أبالي ما قدمت عليه يوم القيامة وفي صحيفتي أربع حسنات : بنياني الجامع بالقيروان ، وبنياني قنطرة الربيع ، وبنياني حصن مدينة سوسة ، وتوليتي أحمد بن محرز قضاء أفريقية. وكان زيادة قد ولى الفقيه المالكي أحمد بن محرز الكلابي قضاء افريقية في سنة ٢٢٢ ه ، الا انه ما لبث أن توفي بعد سنة من تعيينه ، وكان أوصى أخاه بن أبي محرز أن يكتم موته الى أن يتم تجهيزه والصلاة عليه خوفا من أن يكفنه زيادة الله ، ففعل عمران ذلك. فلما حمل نعشه من داره اقبل أحد فتيان الأمير بمسك واكفان ، فلما علم انه قد كفن ذر المسك الذي كان معه. ولما وصلوا بالجنازة الى المقبرة حضر زيادة الله وعزى أخا القاضي ، وقال : يا أهل القيروان لو أراد الله بكم خيرا لما أخرج ابن أبي محرز من بين ظهرانيكم (٢).
توفى زيادة الله في القيروان يوم الثلاثاء لاربع عشرة خلت من رجب سنة ٢٢٣ ه وعمره احدى وخمسون سنة وبضعة أشهر (٣).
وقد دامت امارته احدى وعشرين سنة وسبعة أشهر.
٣ ـ أبو عقال الأغلب بن ابراهيم :
تولى الامارة بعد أخيه زيادة الله ، وهو رابع الامراء من بني الأغلب ، وقد عرف بحسن السيرة ، فاحسن الى الجنود وازال مظالم
__________________
(٢٦) نفس المصدر / ٣٥ ، ومعجم البلدان ٣ / ٢٨٣.
(٢٧) البيان المغرب ١ / ١٠٦.
(٢٨) نفس المصدر ، والكامل ٦ / ٤٩٣.