استطاع اقتحام المدينة والتغلب عليه. فأمن زيادة الله كل من طلب الأمان ممن هرب من أهلها عند دخول أبي فهر اليها (١).
زيادة الله الأول وصقلية :
تطلع أمراء بني الأغلب الى الاستيلاء على جزيرة صقلية. وقد لخص القزويني ما ذكره عنها ياقوت الحموي وابن حوقل ، فوصفها بأنها جزيرة عظيمة من جزائر المغرب مقابلة لافريقية ، وهي مثلثة الشكل بين كل زاوية وأخرى من زواياها مسيرة سبعة أيام ، وهي خصبة كثيرة البلدان والقرى ، كثيرة المواشي والحيوانات الاخرى من الخيل والبغال والحمير والبقر ، والحيوان الوحشي ، وارضها تنبت الزعفران. وكانت قليلة العمارة ، خاملة الذكر حتى فتح العرب بلاد أفريقية ، فهرب بعض أهلها الى صقلية وعمروها ، وبالجزيرة جبال شامخة ، وعيون غزيرة ، وانهار جارية. قال ابن حمديس مشتاقا اليها :
ذكرت صقلية والهوى |
|
يهيج للنفس تذكارها |
فان كنت أخرجت من جنة |
|
فاني أحدث أخبارها |
وبها جبل النار وهو مطل على البحر ، في أعلاه منافس يخرج منها النار والدخان ، وربما سالت النار منه الى جهة تحرق كل ما مرت به ، وتجعل الارض مثل خبث الحديد لا تنبت شيئا ، ويسميه الناس الأخباث. وفي أعلى هذا الجبل السحاب والثلوج. والأمطار دائمة لا تكاد تقلع عنه في صيف ولا شتاء ، والثلج لا يفارق أعلاه في الصيف. وفيها البركان العظيم وليس في الدنيا بركان أشنع منه
__________________
(١٤) البيان المغرب ١ / ١٠٥.