وقد بقيت العلاقة بين امارة بني الأغلب والخلافة في سامرا ودية. ولابد من الاشارة الى ان امارة بني الأغلب تختلف عن بقية الامارات المستقلة التي قامت في أنحاء أخرى من الدولة ، بانها كانت عربية بأمرائها وبأغلبية رعاياها ، وانها عملت على توسيع رقعة سلطانها على حساب دولة الروم. والواقع ان التوسع العربي ونشر الدين الاسلامي في جزر البحر المتوسط تم على أيدي أمراء بني الأغلب.
كان ابراهيم بن الأغلب فقيها ، شاعرا وخطيبا مفوها ، ذا رأي وحزم ودراية في الحرب. ولم يتول أفريقية أحسن سيرة وسياسة منه ، ولا أرأف برعية ، ولا أوفى بعهد ، فدانت له قبائل البربر بالطاعة ، وهدأت البلاد في أيامه (١). فقد استطاع بمؤهلاته وما امتاز به من صفات قيادية أن يقضي على الفوضى في أفريقية ويعيد اليها الأمن في خلال مدة حكمه التي دامت اثنتي عشرة سنة.
وأسس ابراهيم عند توليه الامارة مدينة على بعد ثلاثة أميال من مدينة القيروان ، سماها مدينة القصر ، واتخذها مقاما له. ثم صارت من بعده دار للاقامة سكنها الأمراء من بني الأغلب. وعند ما انتقل ابراهيم الى مدينة القصر خرب دار الامارة التي كانت بالقيروان بقبلى الجامع. وبنى في مدينة القصر جامعا رحيبا له صومعة مستديرة بنيت بالآجر والعمد سبع طبقات ، لم يبن أحكم منها ولا أحسن منظرا. وأسس فيها الاسواق والحمامات ، وحفر مراجل للماء كانت مياهها غزيرة بحيث اذا نزر الماء في مراجل القيروان نقلوا الماء اليها من مدينة القصر (٢).
ان جد بني الأغلب الذي ينتسبون اليه هو الأغلب بن سالم التميمي أحد رجال الدعوة العباسية ، وكان من القادة الشجعان.
__________________
(٣) البيان المغرب ١ / ٩٢.
(٤) المغرب للبكري / ٢٨.