ان سبب ذكره الطرق الموصلة الى القسطنطينية هو «لحاجة المسلمين الى ذلك وقصدهم في شراء الاسارى ، والرسالات ، والغزو ، والتجارات» (١). وفي هذا دلالة على تردد العرب على عاصمة الروم كوفود رسمية ، أو لافتداء الاسرى ، أو للغزو ، أو لغرض التجارة. وكما كان التجار البيزنطيون يظهرون في كثير من المدن العربية ، كان التجار العرب يفدون على بيزنطة لانجاز أعمالهم. وكانت مملكة الخزر بموقعها الجغرافي بين اقليم قزوين والامبراطورية البيزنطية والروس حلقة اتصال أبقت التجارة العربية متصلة مع أوربا وبلاد الروم ، كما كانت طرابزون على البحر الاسود مركز الاتصالات التجارية بين الطرفين ، ويتضح مما يذكره المسعودي ان طرابزندة (طرابزون) كانت تقام فيها أسواق سنوية يأتي اليها كثير من الامم للتجارة من المسلمين والروم والارمن وغيرهم (٢). والواقع ان طرابزون كانت حينذاك أهم الموانيء التي يعرض فيها التجار العرب بضائعهم على التجار من الروم وغيرهم. وكان يقطنها عدد من التجار العرب (٣).
لقد كانت بضائع الشرق تنقل الى أوربا في خلال القرن الثالث عن طريق الدولة البيزنطية سواء بواسطة تجارها أو التجار العرب. فصارت القسطنطينية مركزا لاستقبال بضائع الشرق ومصنوعاته كالحرير والكتان ، والتوابل والبخور والعطور ، والمنسوجات العراقية والشامية التي اشتهر منها الموسلين والدمقس ، والمصنوعات النحاسية والزجاجية وغيرها من البضائع التي كانت تبهر الغرب آنذاك. ومنها تنقل الى أواسط أوربا وغربيها. ولا شك في ان قيام بيزنطة بدور الوسيط اكسبها مركزا مهما بالنسبة للبلاد الاوربية الاخرى ، وأدى الى ازدهار حياتها
__________________
(١٠) أحسن التقاسيم / ١٤٧.
(١١) مروج الذهب ١ / ١٧٦.
(١٢) تراث الاسلام / ١٥٩.