منه ما يأتي «لما صرت الى القسطنطينية حضرت دار ميخائيل الملك بسوادي وسيفي وخنجري وقلنسوتي ، فجرت المناظرة بيني وبين خال الملك بطرناس (وهو بادراس اخو تيودورة أم الملك ، وقد صار وصيا عليه) وكانوا قد أبوا ان يدخلوني بسيفي وسوادي ، فقلت : انصرف ، فانصرفت. فرددت من الطريق ومعي الهدايا ، منها نحو ألف نافجة من المسك ، وثياب حرير ، وزعفران كثير ، وطرائف ... وحملت الهدايا معي ، فدخلت عليه ، فاذا هو على سرير فوق سرير ، واذا البطارقة حوله قيام. فسلمت وجلست على طرف السرير الكبير ، وقد هيء لي مجلس ، ووضعت الهدايا بين يديه. وبين يديه ثلاثة تراجمة : غلام فراش كان لمسرور الخادم ، وغلام لعباس بن سعيد الجوهري ، وترجمان له قديم يقال له سرحون. فقالوا لي : ما تبلغه؟ قلت : لا تزيدون على ما أقول لكم شيئا. فاقبلوا يترجمون ما أقول. فقبل الهدايا ولم يأمر لأحد منها بشيء. وقربني وأكرمني ، وهيأ لي منزلا بقربه. فخرجت فنزلت في منزلي ... فراجعوا في مخاطبتي ، وانقطع الأمر بيني وبينهم في الفداء غلى ان يعطوا جميع من عندهم من الاسرى وهم أكثر من ألفين منهم عشرون امرأة ومعهن عشرة من الصبيان ، وأعطى جميع من عندي وكانوا أكثر من ألف قليلا ، فاجابوني الى المحالفة. فاستحلفت خاله فحلف عن ميخائيل ، فقلت : أيها الملك ، قد حلف لي خالك ، فهذه اليمين لازمة لك؟ فقال برأسه نعم. ولم اسمعه يتكلم بكلمة منذ دخلت بلاد الروم الى أن خرجت منها. انما يقول الترجمان وهو يسمع فيقول برأسه نعم أولا ، وليس يتكلم ، وخاله المدبر أمره. ثم خرجت من عنده بالاسرى بأحسن حال. حتى اذا جئنا موضع الفداء ، أطلقنا هؤلاء جملة. وكان عداد من صار في أيدينا من المسلمين أكثر من ألفين ، منهم عدد ممن كان تنصر ، وصار في أيديهم اكثر من ألف قليلا ..» (١).
__________________
(٢٣) الطبري ٩ / ٢١٩ ـ ٢٣٠.