يذكر ان ملك الروم وجه برسل وبعض الهدايا يطلب المفاداة ، وقد بعث له باضعافها. ويشير الى انه قد حمل من كل بلد فيه من أسرى الروم ، واشتري عبيد النصارى (١). مما يدل على ان عدد اسرى الروم لدى الدولة العربية كان قليلا.
مما يلفت النظر في هذه الروايات التي ذكرناها عن هذا الفداء الاختلاف الكبير في عدد من فودي بهم بين ما ذكره الطبري وما ذكره المسعودي. ثم اذا كانت ملكة الروم قد ابقت في بلادها من تنصر من الأسرى وقتلت من رفض التنصر ، فانه لم يعد هناك من يفادى به من الاسرى العرب ، مما يستدل منه ان الرواية مبالغ فيها وتنقصها الدقة. وتتضمن رواية ابن خلدون وضوحا أكثر ، وهي أحرى بالقبول ، اذ يقول : وكانت تدورة ملكة الروم حملت اسرى المسلمين على التنصر ، فتنصر الكثير منهم ، ثم طلبت المفاداة فيمن بقي منهم على الاسلام (٢).
٣ ـ فداء سنة ٢٤٦ ه :
وهو الفداء الخامس على قول المسعودي ، وقد تم في خلافة المتوكل على الله أيضا. يقول الطبري عن هذا الفداء ان ملك الروم ميخائيل بن توفيل بعث الى الخليفة رسولا يدعى أطروبيليس ومعه سبعة وسبعون رجلا من أسرى المسلمين أهداهم الى الخليفة. فانزل الرسول على شنيف الخادم. ثم وجه المتوكل على الله نصر بن الازهر الشيعي مع رسول ملك الروم ، فشخص في هذه السنة للمفاوضة مع ملكها على الشروط التي يتم الفداء بموجبها.
وقد وصف ابن الازهر مقابلته ملك الروم وتقديمه هدايا الخليفة اليه ، واتفاقه حول شروط المناداة ، وصفا طريفا نقتطف
__________________
(٢١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٩٠ ـ ٤٩١.
(٢٢) تاريخ ابن خلدون ٣ / ٥٨٧ ـ ٥٨٨.