وكان الخليفة قد بعث الى بلاد الروم من يتعرف على عدد أسرى العرب هناك ، فكان عددهم ثلاثة آلاف رجل وخمسمائة امرأة (١). وكان عدد أسرى الروم أقل من ذلك ، فأمر الواثق بالله بشراء الرقيق والاسرى الروم من سامرا وبغداد وغيرهما. فاشتري من وجد منهم ، فلم يتم العدد المطلوب فتبرع الخليفة فاخرج من كان في قصره من النساء الروميات العجائز وغيرهن حتى تم العدد (٢).
وعقد الخليفة لأحمد بن سعيد بن مسلم الباهلي على ولاية الثغور والعواصم وأمره ان يحضر عملية الفداء ، وبعث معه خاقان الخادم الذي عرف هذا الفداء بأسمه باعتباره ممثل الخليفة. كما حضر أحد الخبراء بالشؤون الرومية هو مسلم الجرمي ، وكان ذا معرفة بأهل الروم وأرضها ، وله مصنفات في اخبارهم وملوكهم وبلادهم وطرقها ومسالكها ، وأوقات الغزو والغارات عليها (٣). كما وجه باثنين من أصحاب القاضي ابن ابي دواد ، أي من المعتزلة ، هما يحى بن آدم الكرخي ويكنى بابي رملة ، وجعفر بن محمد الحذاء. وبعث معهما كاتبا يدعى طالب بن داود ، وامرهم بامتحان الاسرى العرب وقت المفاداة ، فمن قال بخلق القرآن وان الله لا يرى يوم القيامة ، فودي به واعطى دينارا واحدا ، ومن لم يقل بذلك ترك في أيدي الروم (٤).
ولما كان يوم عاشوراء من سنة ٢٣١ ه اجتمع العرب ومعهم أسرى الروم ، واتى الروم ومعهم الاسرى العرب. وحضر المفاداة عدد كبير من العرب من جند ومتطوعة ، ويقدر اليعقوبي عددهم
__________________
(٤) الطبري ٩ / ١٤٢.
(٥) الطبري ٩ / ١٤٢ ، وتجارب الامم ٦ / ٥٣٢ ، والكامل ٧ / ٢٤.
(٦) التنبيه والاشراف / ١٦٢.
(٧) الطبري ٩ / ١٤٢ ، وتجارب الامم ٦ / ٥٣٢ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٨٢ وفيه دفع لمن فودى به ديناران وثوبان.