وهو يحي بن الفضيل نظم شعرا يستنهض به همة الخليفة ويستثيره ، ويعيب على الوالي تهاونه ، اذ قال (١) :
أترضى بأن يوطأ حريمك عنوة |
|
وان يستباح المسلمون ويحربوا |
حمار اتى دمياط والروم وثب |
|
بتنيس رأى العين منه واقرب |
مقيمون بالأشتوم يبغون مثل ما |
|
أصابوه من دمياط والحرب ترتب |
فما رام من دمياط شبرا ولادرى |
|
من العجز ما يأتي وما يتجنب |
فلا تنسانا بدار مضيعة |
|
بمصر وان الدين قد كاد يذهب |
فأمر المتوكل على الله ببناء حصن دمياط ، فتولى عمارته عنبسة بن اسحاق وانفق فيه أموالا طائلة. وقد دفع هجوم الروم على دمياط وتنيس الخليفة الى الاهتمام بانشاء اسطول بحري في مصر ليؤمن صد الهجمات البحرية التي قد تقع عليها. فانشأ عنبسة أول اسطول حربي لمصر ، وبنى المواني للسفن الحربية أو جعل الارزاق لغزاة البحر كما هي لغزاة البر. وانتخب له القواد العارفين بمحاربة العدو في البحر. وكان لا يستخدم في الاسطول غشيم ولا جاهل بأمور الحرب ، فاجتهد الناس بمصر في تعليم أولادهم الرماية وفنون الحرب البحرية. وصار للعاملين في الاسطول حرمة ومكانة ، بحيث صار كل واحد من الناس يرغب في ان يعد من جملتهم ويسعى الى ذلك بكل الوسائل (٢).
واغار الروم في سنة ٢٤١ ه على عين زربة فاسروا من كان فيها من الزط مع نسائهم وأطفالهم وجواميسهم وبقرهم (٣) ، وكان المعتصم بالله نقلهم اليها عند ما قضى على تمردهم في سنة ٢٢٠ ه.
__________________
(٤٧) الخطط المقريزية ١ / ٢١٤ ، وكتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢٠١ وفيه اسمه يحي بن الفضل.
(٤٨) الخطط المقريزية ٢ / ١٩١.
(٤٩) الطبري ٩ / ٢٠١ ، والكامل ٧ / ٨٠.