الاضحى حتى يجمع بين العيد والفرح ، واحتفل لذلك احتفالا كبيرا واحضر جميع من كان من الجند في الثغور المصرية ، تنيس ودمياط والاسكندرية ، ليشاركوا في الاحتفال ، فخلت تلك الثغور من حامياتها. ويبدو ان اسطول الروم في البحر المتوسط اغتنم الفرصة فجاءت ثلاثمائة سفينة من سفنه مشحونة بالمقاتلين وهاجمت ثغر دمياط في صباح يوم عرفة ودخلوا المدينة دون ان يلقوا مقاومة ، سوى ان أحد المحبوسين يقال له أبو جعفر بن الأكشف ، وكان من وجوه المدينة وقد حبسه عنبسة مقيدا ، قد أخرجه بعض أعوانه من السجن ، فقاتل بهم الروم فهزمهم واخرجهم من دمياط. الا ان الروم كانوا قد احرقوا بعض دور المدينة ، واستولوا على الاسلحة وقتلوا كثيرا من الرجال العزل وسبوا نحوا من ستمائة امرأة ، ويقال ان المسلمات منهن مائة وخمس وعشرون ، والبقية من نساء القبط. كما استحوذوا على الاموال التي كانت قد وضعت لتحمل الى العراق كالقند والكتان. وكان عدد الروم الذين نزلوا المدينة زها خمسة آلاف رجل ، فاوقروا سفنهم من المتاع والأموال والنساء ، واحرقوا المسجد الجامع والكنائس في المدينة ، وكان من غرق في بحيرة دمياط من النساء والصبيان أكثر مما سباه الروم (١).
ولما بلغ عنبسة نبأ هجوم الروم على دمياط نفر اليها بعد النحر في جيشه فلم يدركهم لأنهم كانوا قد مضوا الى مدينة تنيس ونزلوا في اشتومها وهو الموضع الذي يصب فيه النيل في البحر المتوسط. وكان لها سور له بابان من الحديد كان المعتصم بالله قد امر بعمله. فخربوا السور واحرقوا ما في الحصن من المجانيق والعرادات ، وأخذوا بابيه الحديد وحملوهما معهم (٢). وكان أحد شعراء مصر
__________________
(٤٥) راجع عن مهاجمة الروم دمياط : الطبري ٩ / ١٩٣ ـ ١٩٥ ، والكامل ٧ / ٦٨ ـ ٦٩ وفيه اسم ابن الاكشف يسر ، والنجوم الزاهرة ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٥.
(٤٦) الطبري ٩ / ١٩٤ ـ ١٩٥ ، والكامل / ٦٩.