حبوس الظلمة ، ومنعوا من أخذ الصدقة التي يعطاها المسجونون ، كما منعوا من الزوار وثقلوا بالحديد (١).
ويقول الذهبي ان الواثق بالله قتل ابن نصر بيده لامتناعه من القول بخلق القرآن ، ولكونه اغلظ له في الخطاب ، وقال له : يا صبي. ويقول ان أحمد بن نصر كان رأسا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقام ومعه خلق من المطوعة واستفحل امرهم ، فخافته الدولة من فثق يتم بذلك (٢).
ويلاحظ على محاكمة أحمد بن نصر ان الخليفة تغاضى عن جريمته السياسية وما قام به من الشغب والتآمر على الدولة والاستعداد للوثوب بالخلافة ، رغم وضوح الأدلة على ذلك وثبوتها. وانما استهدف من المحاكمة اثبات كفره ومروقه من الدين مما يحلل قتله. ويظهر ان ذلك ناشيء عن اعتبار الخلافة منصبا دينيا وان الخروج عليها والكفر بالدين سواء. وقد يكون اغفال الجانب السياسي مقصودا لصرف اذهان الناس عن فكرة التآمر على الخلافة أو الخروج عليها (٣).
ويذكرنا هذا بمحاكمة الأفشين حيدر بن كاوس عند ما تهيأ للانتقاض على الخليفة المعتصم بالله ، فقد اغفلت جريمته السياسية كذلك ، وحوكم على مخالفاته الدينية فقط. لأن السياسة والدين سواء في نظر العباسيين.
__________________
(٢٠) تجارب الامم ٦ / ٥٣٢ ، والطبري ٩ / ١٣٩.
(٢١) العبر ١ / ٤٠٨.
(٢٢) راجع عن تفصيلات حركة احمد بن نصر ومحاكمته وقتله : الطبري ٩ / ١٣٥ ـ ١٣٩ ، وتجارب الامم ٦ / ٥٢٩ ـ ٥٣٢ ، تاريخ بغداد ٥ / ١٧٥ ـ ١٧٨ ، والكامل ٧ / ٢٠ ـ ٢٣.