القضاة أحمد بن أبي دواد ، واسحاق بن ابراهيم ، وعبد الرحمن بن اسحاق ، وكان قاضيا على الجانب الغربي من بغداد ، وهو صديق لأحمد بن نصر. ولم يناظره الخليفة في الشغب ، ولا في ارادته الخروج عليه ، وقال له : دع ما اخذت له (١). وانما امتحنه في القول بخلق القرآن ، فأبى ان يعترف بأنه مخلوق. ولما سأله عن رؤية الرب عزوجل في الآخرة ، أجاب بالايجاب مستشهدا بالحديث النبوي القائل «ترون ربكم يوم القيامة لا تضامون في رؤيته» وبالحديث «ان قلب ابن آدم بين اصبعين من أصابع الرحمن» فقال الواثق بالله : ويحك ، يرى كما يرى المحدود والمتجسم ، يحويه مكان ويحصره الناظر؟ أنا أكفر برب هذه صفته(٢).
ولما استطلع الخليفة ممن حضر المجلس رأيهم في أقوال أحمد بن نصر ، أحل القاضي عبد الرحمن بن اسحاق دمه ، وطلب آخر ان يشرب من دمه. أما ابن أبي دواد فقال انه شيخ مختل العقل أو انه كافر يستتاب. الا ان الواثق بالله ضرب عنقه. وصلب وفي رجليه قيود ، في الحظيرة التي صلب فيها بابك الخرمي وحمل رأسه الى بغداد فنصب في الجانب الشرقي أياما ، ثم حول الى الجانب الغربي. ومنع الناس من التقرب منه ، واقيم عليه الحرس. وعلقت في أذنه رقعة فيها : هذا رأس الكافر المشرك الضال أحمد بن نصر قتله الله على يدي هارون الامام الواثق أمير المؤمنين بعد ان اقام الحجة عليه في خلق القرآن ونفى التشبيه ، وعرض التوبة عليه فابى الا المعاندة ، فعجل الله به الى ناره وأليم عذابه (٣).
وأمر الواثق بالله بحبس كل من عرف بصحبه أحمد بن نصر ممن ذكر انه كان مشايعا له. ووضع نيف وعشرون رجلا منهم في
__________________
(١٧) تأريخ بغداد ٥ / ١٧٧.
(١٨) نفس المصدر.
(١٩) تجارب الامم ٦ / ٥٣٢ ، وورد هذا النص بشيء من التغيير في الطبري ٩ / ١٣٩ وفي تاريخ بغداد ٥ / ١٧٨.