السابق القائم على مبايعته على الامر بالمعروف ومعارضة القول بخلق القرآن. وقد بايعه عدد من العامة ، كما اشرنا انتصارا للدين. فاتسعت دعوته وقويت حتى طمع بعض اتباعه بالثورة على الخلافة.
ان المصادر المتوفرة عن الموضوع لا توضح ما اذا كان احمد بن نصر قد استهدف من تنظيمه الجديد الخروج على الخلافة لانها لم تعد شرعية في نظر ونظر اتباعه. ولكن يبدو انه قد استغلته جماعات أخرى واتخذته واجهة لتحقيق مطامعها. اذ يذكر الخطيب البغدادي ان اثنين من الموسرين بذلا مالا وعزما على الوثوب في بغداد في شعبان سنة ٢٣١ ه (١). وذكر الطبري ما يشبه هذا وخلاصته ان شخصين من أهل بغداد أحدهما يعرف بابي هارون السراج ، والآخر يقال له طالب ، ومعهما شخص ثالث من أهل خراسان من أصحاب اسحاق بن ابراهيم المصعبي صاحب الشرطة ، وهم ممن كانوا يظهرون تأييد ابن نصر ، ويحركون اتباعه من اصحاب الحديث ، وممن ينكر القول بخلق القرآن من أهل بغداد ، ليحملوه على اظهار حركته ، وانهم قصدوه دون غيره لمنزلته التي أشرنا اليها. وكان طالب واتباعه يعملون في الجانب الغربي من بغداد ، ويعمل أبو هارون واتباعه في الجانب الشرقي منها ، وان هذين الشخصين فرقا أموالا في سبيل الوثوب بالخلافة ، وقد عينوا موعدا لذلك (٢).
على ان اخبار المؤامرة بلغت صاحب الشرطة ، فبادر بالقبض على بعض اتباع أحمد بن نصر ثم تتبع الآخرين ، وأصابت الشرطة في منزل أحدهم اعلاما. ثم أخذ ابن نصر وأولاده وجماعة كانوا عنده فحملوا مقيدين الى سامرا. فعقد الخليفة مجلسا حضره قاضي
__________________
(١٥) تاريخ بغداد ٥ / ١٧٦.
(١٦) الطبري ٩ / ١٣٥ ـ ١٣٦.